" العاهرة هى التى تنكح نفسها "
، حتى إن مولاة الأمة توكل رجلا مزوجا لها ولا تزوجها بنفسها، وعنه صلى الله عليه وسلم:
" أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر "
، أى زان، إلا أنه لا يرجم لشبهة عقد النكاح، وكانت عائشة رضى الله عنها توكل رجلا يزوج امرأة صغيرة أوصيت عليها، لا تزوج المرأة نفسها ولو أذن لها وليها أو سيدها { وءاتوهن أجورهن } بإذن أهلهن، كما ذكر قبله، أو آتوا أهلهن، فحذف المضاف، وزعم مالك وبعض أصحابه لظاهر الآية، أن المهر للأمة، قيل كالعبد المأذون له فى التجر، فإن إنكاحها إذن لها، والذى عندنا أن مال العبد المأذون له لسيده لا له، وهذا هو عرفنا فى كونه مأذونا، وأنه يترتب عليه كل ما لزم العبد من الديون { بالمعروف } نقدا، أو بلا مطل إن كانت عاجلة، وبلا تأخير عن الأجل إن كان، وبلا ضر أو نقص { محصنات } عفائف، وقيل متزوجات بكم، وفيه أنه يغنى عنه فانكحوهن، وقوله: فما ملكت، إلا إن أريد بالنكاح الوطء، وقيل مسلمات لأنه لا يجوز نكاح الأمة المشركة، وفيه أنه يغنى عنه قوله عز وجل { من فتياتكم المؤمنات } { غير مسافحات } مجاهرات بالزنى { ولا متخذات أخذان } أخلاء يزنون بهن سرا، وكانت العرب في الجاهلية تحرم الزنى الجهر، بأن تجعل نفسها للزنى وتبيح الزنى سرا فحذر؛ وكان الزنى فى الجاهلية على النوعين فنزل ما ظهر منها الخ { فإذآ أحصن } أحصنهن الله، أو الولى بالتزويج، وقيل الإسلام، وعن ابن عباس لا تحد الأمة ما لم تتزوج بحر، وروى عدم الحد قبل التزوج عن مجاهد، قال بعض: الحد واجب على الأمة المسلمة قبل التزوج، قال صلى الله عليه وسلم فيها:
" إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير "
{ فإن أتين بفاحشة } زنى { فعليهن نصف ما على المحصنات } الحرائر التى لم تحصن { من العذاب } الجلد، وهو مائة جلدة، ونصفها خمسون، وكذا العبد يجلد خمسين، وكذا إن لم تتزوج الأمة أو العبد، وإنما ذكر الإحصان دفعا لتوهم أن الإحصان يوجب رجمهن كالحرة أى ما عليها إلا خمسون جلدة ولو أحصنت، ومعلوم أن الرجم لا يتجزأ، فليس مرادا بالعذاب، وأيضا المراد به الموت لا العذاب، وكذلك تعلم أن المراد بالمحصنات الحرائر اللاتى لم يحصن لأن المحصنة ترجم، والرجم لا يتنصف { ذلك } المذكور من نكاح الإماء { لمن خشى العنت } المشقة بترك الوطء، فيخاف على نفسه الزنى، وأصله انكسار العظم بعد الجبر، أو العنت مشقة الحد، بأن يعشق أمة فيخاف الزنى لها، فيتزوجها دفعا بحد الزنى، كما وقع فى قصة جابر بن زيد، أن امرأة سألته فى رجل الخ على تزوج أمتها حتى قال: أواقعها حراما إن لم تنكحنيها فقال: أنكحيها إياه، فهذا خوف العنت، وقيل العنت الإثم وقيل الزنى، وهو رواية عن ابن عباس، وعليه الأكثر، وقيل الحد يخشى أن يزنى قيد، وجعل أبو حنيفة شرط خوف العنت إرشادا لا إيجابا { منكم وأن تصبروا } متعففين عن الزنى { خير لكم } من نكاح الأمة، لنقصها واستعباد ولدها، قال عمر: إذا تزوج العبد الحرة فقد أعتق نصفه، وإذا تزوج الحر الأمة فقد أرق نصفه، وذلك لأن ولد الأمة عبد، وولد الحرة حر، قال صلى الله عليه وسلم:
" الحرائر صلاح البيت والإماء هلاكه "
، ولأن حق المولى أعظم من حق الزوج، لا كأب وزوج، حق الزوج أعظم من حق الأب والأم، فلا تخلص للزوج كخلوص الحرة له، فقد يحتاج إليها الزوج جدا ولا يجدها، فإن السيد يستخدمها يبيعها، ولأن الأمة تعتاد البروز للرجال والوقاحة، فقد تتعود الفجور، قال سعيد بن جبير: ما نكاح الأمة إلا قريب من الزنى، وقرأ: { وأن تصبروا خير لكم } ، ومثله عن أبى هريرة وابن عباس، ويقول ابن عباس: نكاح المتعة والأمة للمضطر كالميتة { والله غفور رحيم } لمن لم يصبر، فتزوج الأمة مع النقصان المذكور، ومع أنه يعير ولده منها ويلحقه عرق العبودية، وسواء فى ذلك الأمة السوداء والبيضاء كالنصرانيات والروميات، إذا سبين وأسلمن.
[4.26]
{ يريد الله ليبين لكم } اللام تأكيد، والنصب بأن، أى يريد الله التبيين لكم، أو يريد الله تحليل ما حلل، وتحريم ما حرم، وتشريع ما شرع، لأجل أن يبين هذا الحق ومصالحكم، ويميز بين الحق والباطل، والحسن والقبيح فاللام للتعليل، وفيها تخلص من تعدى الفعل إلى مفعولة المتأخر عنه بالحرف، وهو ممتنع أو ضعيف، وقيل بجوازه فى مقام التأكيد، وحمل بعض الآية عليه، والعامة تقول أعطيت لزيد درهما، والكوفيون يقيمون اللام مقام أن فى فعل الإرادة { ويهديكم سنن الذين من قبلكم } شرائعهم، وأن من قبلكم مثلكم فى هذه الأنكحة إلا ما شذ، أو شبه هذه الأحكام بتكاليف من قبلنا فى الصلاح الدنيوى والأخروى ولو تخالفت { ويتوب عليكم } يغفر الذنب، على أن الكلام كل، لأن إرادته لا تتخلف، وليسوا كلهم مغفورا لهم، أو يرشدكم إلى ما تتركون به المعاصى، وتتوبون به عما صدر منها، أو إلى مايكون كفارة لذنوبكم على أن الكلام كلية { والله عليم } بكل شىء { حكيم } يضع كل شىء فى موضعه.
Halaman tidak diketahui