، وفى رواية:
" غفرت لكم على ما كان منكم، ولا أبالى "
، قلت: هذا فى علماء إذا أذنبوا تابوا، وأصلحوا ما فسد أو أكثروا الفساد وماتوا وقد أصلحوا، وذلك أنهم أحق بالتشديد إذ علموا وخالفوا، فالعفو عنهم وتميزهم وخطابهم بذلك فضيلة، ألا ترى أن الأنبياء لا يسامحون فيما يسامح غيرهم، وذلك علم القرآن والسنة وعلم الأمة، واستأذن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع مسائل من التوراة يزداد بها علما، فغضب ولم يأذن له، وقال: لو كان أخى موسى حيا لم يسعه إلا اتباعى، وفى عصرنا كثرت نسخ التوراة والإنجيل بلفظ العربية وخطها، والصواب، ألا تشترى ولا تباع ولا تقبل، ويسمونها العهد القديم، الإنجيل العهد الجديد، ولو كان فيهم خير لاتبعوا العهد الأجد، وهو القرآن { وما يذكر } يتعظ أو يتفكر { إلآ أولوا الألبب } العقول الخالصة عن متابعة الهوى، والذين يتفكرون ما أودع الله فيها من العلوم بالقوة، وهم من أوتى الحكمة، ولمدحهم بذلك لم يضمر لهم، بأن يقول إلا وهو مراعاة للفظ من، أو الأهم مراعاة لمعناها، وهو الراجح، من حيث إنه أتى بالظاهر مجموعا.
[2.270]
{ ومآ أنفقتم من نفقة } قليلة أو كثيرة، فريضة أو نافلة، سرا أو علانية، فى طاعة أو معصية أو مكروه، بشرط أو بلا شرط، بنية أو إهمال، وفى ذكر النفقة مناسبة لما قبل { أو نذرتم من نذر } قليل أو كثير... الخ، ما مر ولو ببدن، ولا سيما وفاؤكم به، أو يقدر، ووفيتم به، أو النذر عبارة عن الوفاء به لعلاقة اللزوم والتسبب { فإن الله يعلمه } لا يفوتكم ثواب ذلك، أو عقابه، أو بطلانه. لا لكم ولا عليكم، أو يعلم بمعنى يجازى، والهاء عائدة إلى ما الشاملة لكل ما ذكر على سبيل البدلية، وأيضا العطف بأو يقتضى الإفراد. ولو عادت إلى نذر لجاز، ويلتحق به النفقة، فيكون كقوله تعالى:
خطيئة أو إثما ثم يرم به
[النساء: 112]، وجاز عود الهاء فى الآيتين لأحد الاثنين، وورد مراعاة الأول، ويلتحق به الثانى، كقوله تعالى: { تجارة أو لهوا انفضوا إليها } { وما للظلمين } بترك الواجب، أو بالإنفاق فى المعصية، أو بترك الإنفاق، إنكارا ليوم الجزاء، ومن الواجب الوفاء بنذر مباح فيه نفع لخلق الله، ولو لم ينو طاعة، ومن ترك الواجب وضعه فى غير محله، والمراد من ذكر فى الآية، والعموم أولى { من أنصار } يمنعونه مما يحيق عليه من العقاب.
[2.271]
{ إن تبدوا } تظهروا { الصدقت } النافلة، وأما الفرض فإظهاره أوكد مع وجوب الإخلاص مطلقا، لئلا يتهم بعدم أدائه، وليقتدى به، ومن لم يعرف بمال، فقيل إخفاؤه أفضل، قلت، بل إظهاره، لأن فيه اقتداء وإقامة لشعار الإسلام، والرثاء مجتنب، كما يجتنبه من عرف بالمال، بل زعم بعض، أنه لا رثاء فى الفرض { فنعما هى } أى نعم شىء هو هى، وقد أبديت، أو يقدر مضاف، أى نعم شىء هو إبداؤها، وأصل العين السكون، لكن رجعت إلى الأصل، وهو الكسر، ليمكن الإدغام، أو جاء على الأصل الأول، وكسر النون على كل حال اتباع للعين، وأصل الميم الفتح، ولكن سكنت لتدغم { وإن تخفوها وتؤتوها الفقرآء فهو } أى إيتاؤها فى إخفاء، إبقائها، أو ما ذكر من إخفاء وإيتاء للفقراء فى كل ذلك، أو الضمير عائد إلى الصدقة، وذكر لتذكير الخبر { خير } أفضل، قيل، أو خير من جملة الخيور { لكم } من إبدائها، ولو مع إعطائها الفقراء، ومن إعطائها الأغنياء ولو مع إخفاء، ولا حظ لهم فى الزكاة وأنواع الكفارة. وعن ابن عباس: صدقة التطوع فى السر تفضل علانيتها بسبعين وصدقة الفريضة تفضل علانيتها سرها بخمسة وعشرين، وهو حديث موقوف فى حكم المرفوع، إذ لا يعلم ذلك بالاجتهاد، وكذلك سائر الطاعات، وروى مرفوعا،
" أفضل الصدقة صدقة سر إلى فقير "
Halaman tidak diketahui