252

Taysir Al-Aziz Al-Hamid dalam Syarah Kitab At-Tauhid

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

Penyiasat

زهير الشاويش

Penerbit

المكتب الاسلامي،بيروت

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

Lokasi Penerbit

دمشق

باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين ... [١٣- باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم وهو الغلو في الصالحين] أما تركهم فهو مجرور عطفًا على المضاف إليه، ولما ذكر المصنف ﵀ بعض ما يفعله عباد القبور مع الأموات من الشرك، أراد أن يبين السبب في ذلك ليحذر، وهو الغلو مطلقًا لاسيما في الصالحين، فإنه أصل الشرك قديمًا وحديثًا لقرب الشرك بالصالحين من النفوس فإن الشيطان يظهره في قالب المحبة والتعظيم. وقول الله ﷿: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ ١. قال العلماء: الغلو هو مجاورة الحد في مدح الشيء أو ذمه، وضابطه تعدي ما أمر الله به وهو الطغيان الذي نهى الله عنه في قوله: ﴿وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾ ٢. وكذا قال تعالى في هذه الآية: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ ٣. أي: لا تتعدوا ما حدد الله لكم. وأهل الكتاب هنا هم اليهود والنصارى، فنهاهم عن الغلو في الدين ونحن كذلك، كما قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ ٤. والغلو كثير في النصارى، فإنهم غلوا في عيسى ﵇، فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله يعبدونه كما يعبدون الله، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه، فادعوا فيهم العصمة، فاتبعوهم في كل ما قالوه، سواء كان حقا أو باطلا، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى ﵇، فغلوا فيه فحطوه من منْزلته حتى جعلوه ولد بغي. قال شيخ الإسلام: ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى وغلا في الدين بإفراط فيه أو تفريط وضاهاهم في ذلك، فقد شابههم كالخوارج المارقين من الإسلام، الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب ﵁ وقاتلهم حين خرجوا على المسلمين بأمر النبي ﷺ كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في "الصحاح" و"المسانيد" وغير: ذلك،

١ سورة المائدة آية: ٧٧. ٢ سورة طه آية: ٨١. ٣ سورة النساء آية: ١٧١. ٤ سورة هود آية: ١١٢.

1 / 254