ضميره، لاستدام لباس العافية، ولم ينهج برد الصيانة، ولكان له في لقاء من بلي به ومحادثته ومجالسته أمل من الآمال وتعلل كاف؛ وإن حبل العذر ليقطع به، والحجة عليه قائمة؛ إلا أن يكون مختلطًا في تمييزه، أو مصابًا في عقله بجليل ما فدحه، فربما آل ذلك لعذر صحيح، وأما إن كانت له بقية [من عقل] أو ثبتت مسكة فهو ظالم في تعرضه ما يعلم أن محبوبه يكرهه ويتأذى به.
هذا غير صفة أهل الحب، وسيأتي هذا مفسرًا في باب الطاعة، إن شاء الله تعالى.
ومن أسباب الشف وجه ثالث، وهو عند أهل العقول وجه مرذول وفعل ساقط؛ وذلك أن يرى المحب من محبوبه غدرًا أو مللًا أو كراهة؛ فلا يجد طريق الانتصاف منه إلا بما ضرره عليه أعود منه على المقصود من الكشف والاشتهار، وهذا أشد العار وأقبح الشنار وأقوى شواهد عدم العقل ووجود السخف.
وربما كان الكشف من حديث ينتشر وأقاويل تفشو، توافق قلة مبالاة من المحب بذلك، ورضى بظهور سره، إما لإعجاب أو لاستظهار على بعض ما يؤمله؛ وقد رأيت هذا الفعل لبعض إخواني من أبناء القواد.
وقرأت في بعض أخبار الأعراب أن نساءهم لا يقنعن ولا يصدقن عشق عاشق لهن حتى يشتهر ويكشف حبه ويجاهر ويعلن وينوه بذكرهن، ولا أدري ما معنى هذا، على انه يذكر عنهن العفاف، وأي عفاف مع امرأة أقصى مناها وسرورها الشهرة في هذا المعنى؟
1 / 152