عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر، ومحبة العشق التي لا علة لها إلا ما ذكرنا من اتصال النفوس.
فكل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها، وزائدة بزيادتها، وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها فاترة ببعدها، حاشا محبة العشق الصحيح المتمكن من النفس فهي التي لا فناء لها إلا بالموت.
وإنك لتجد الإنسان السالي بزعمه، وذا السن المتناهية، إذا ذكرته تذكر وارتاح وصبا واعتاده الطرب واهتاج له الحنين.
ولا يعرض في شيء من هذه الأجناس المذكورة، من شغل البال والخبل والوسواس وتبدل الغرائزالمركبة، واستحالة السجايا المطبوعة، والنحول والزفير وسائر دلائل الشجا، ما يعرض في العشق، فصح بذلك أنه استحسان روحاني وامتزاج نفساني.
فإن قال قائل: لو كان هذا كذلك لكانت المحبة بينهما مستوية، إذ الجزءان مشتركان في الاتصال وحظهما واحد، فالجواب عن ذلك أن نقول: هذه لعمري معارضة صحيحة، ولكن نفس الذي لا يحب من يحبه مكتنفة الجهات ببعض الأعراض الساترة والحجب المحيطة بها من الطبائع الأرضية فلم تحس بالجزء الذي كان متصلًا بها قبل حلولها حيث هي، ولو تخلصت لاستويا في الاتصال والمحبة.
ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها في المجاورة، طالبة له، قاصدة إليه، باحثة عنه، مشتهية لملاقاته، جاذبة له لو أمكنها كالمغنيطس والحديد.
فقوة جوهر المغنيطس المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من
1 / 96