Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genre-genre
والخوف والرجاء جناحان للطائر فوق الجسر، إن لم يكن له جناح الخوف لهوى في زمهرير الأمن، فإن لم يكن له جناح الرجاء لهوى في نار اليأس، وهذان الجناحان أثران ظاهران من فعل القهر وفعل اللطف الصادرين من صفة لطيفية وقهارية، وقلب المؤمن بين إصبعي لطفه وقهره يقلبه كيف يشاء، وإلى هذا السر أشار خاتم الأنبياء وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في مناجاته حيث قال:
" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وطاعتك "
، وهاتان الصفتان ثابتتان لذات الله ذي الجلال والإكرام، فمن يأمن مكر الله وقهره فهو من الخاسرين المفرطين، ومن ييأس من روح الله ولطفه فهو من الكافرين المفرطين، ومن يفرح من لطفه ويخف من قهره من الفائزين الثابتين على الصراط المستقيم في دار التلوين، التي الاستقامة فيها أشد وأشق على النفس من الدخول في النار؛ ولأجل هذا أعدل الخلق مزاجا
" شيبتني سورة هود "
، ومراده أمر الله إياه بالاستقامة بقوله
فاستقم كمآ أمرت ومن تاب معك
[هود: 112]، فحق له التشيب؛ رأفة على من معه، وخوفا على تقصيرهم في الاستقامة، فإذا علمت هذه الفوائد فخذ نصيبا من فوائد أسمائه الحسنى المبسوطة في بساط هذه السورة، وهي المنعم الهادي المستعان المعبود المالك الرحيم الرحمن الرب الله المحمود.
وتيقن أنه تعالى ينتبه باسم المحمود لطيفة بغيبة القارئ، وباسم الله لطيفة طفلية، وباسم الرب لطيفة جنينية، وباسم الرحمن لطيفة خلقية، وباسم الرحيم لطيفة لحمية، وباسم المالك لطيفة عظمية، وباسم المعبود لطيفة حط مضغية، وباسم المستعان لطيفة علقية، وباسم الهادي لطيفة نطفية، وباسم المنعم لطيفة سلالية عن سر النقطة الأحدية، التي هي مظهر للنقطة الذاتية، وعن سر الحياتية والسمعية والبصرية والمتكلمية والعلمية والمريدية والقديرية والحكيمية والواحدية، والأسماء المطهرة في هذه السورة دالة على حضرة النقطة الأحدية وحضرات صفاتها الأربع، فمن يطلع على أسرار هذه الأسامي العشرة المظهرة والمضمرة، المدرجة في درج فاتحة الكتاب، المخصوص بالنبي الأمي صاحب لواء الحمد في المقام المحمود، ويعبده حق عبادته في الشهادة والغيب بحمده، حق حمده باللطائف السبع على وفق الشرع، مخالفا للطبع بقدر الوسع يؤذن بالدخول في الحضرة العظمى، التي هي منتهى مأرب الحجاج في المعراج، والداخل فيها إن شرف بالطهارة الكبرى يكون آمنا من المكر والاستدراج.
وحمد اللطيفة القالبية: اشتغال جوارحها وأعضائها في عبودية الحق.
وحمد اللطيفة النفسية: ترك هواها بالإعراض عن الدنيا، والإقبال على المولى في النعماء والبلوى؛ بحيث لا يمكن للشيطان إلقاء خاطر في ردعها من الخواطر، التي كانت فيها مخالفة الله تعالى.
Halaman tidak diketahui