462

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genre-genre

[4.92-93]

ثم أخبر عن المؤمن أنه لا يقتل مؤمنا بقوله تعالى: { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } [النساء: 92]، والإشارة فيها: إن ليس لمؤمن الروح أن يقصد قتل مؤمن القلب إلا إن قتل خطأ، وذلك أن الروح إذا خلصت عن حجب صفات البشرية تتجلى الروح للقلب فتنور بأنوار الروحانية، ثم تنعكس أنوار الروح عن مرآة القلب إلى النفس الأمارة فتموت عن صفاتها الذميمة الظلمانية وتحيى بالصفات الحميدة النورانية، وتطمئن إلى ذكر الله لاطمئنان القلب به؛ ففي بعض الأحوال تتأيد الروح بوارد روح قدس رباني، وتتجلي في تلك الحالة الروح للقلب، فيخر موسى القلب صعقا ميتا بسطوة تجلي روح القدس الرباني، ويجعل جبل النفس الكافر دكا { ومن قتل مؤمنا خطئا } [النساء: 92]؛ أي: قلبا مؤمنا، { فتحرير رقبة مؤمنة } [النساء: 92]؛ وهي رقبة السر الروحاني، فتصير رقبة السر محررة عن رق المخلوقات، { ودية مسلمة إلى أهله } [النساء: 92]؛ يعني: يسلم العاقلة وهو الله تعالى دية القلب إلى أهله؛ وهم أوصافه الحميدة الروحانية من جمالات الألطاف لتصير الأوصاف بها أخلاق ربانية، { إلا أن يصدقوا } [النساء: 92]؛ يعني: إلا أن يتصدق الأوصاف الروحانية القلبية هذه الرتبة على فقراء ومساكين أوصاف النفس الحيوانية والشيطانية { فإن كان } [النساء: 92] لمعنى القتيل بالتجلي، { من قوم عدو لكم } [النساء: 92]؛ أي: صفة من صفات النفس، وهي عدو لكم { وهو مؤمن } [النساء: 92]؛ يعني: هذه الصفة بأنوار الروح القدس دون أخواتها من الصفات، { فتحرير رقبة مؤمنة } [النساء: 92]؛ وهي رقبة القلب تصير محررة عن رق حب الدنيا، ولا دية لأهل القتيل وهم لهم بقية أوصاف النفس؛ لأنهم كفار يخربون القلب وأوصافه، { وإن كان } [النساء: 92]؛ يعني: القتيل { من قوم بينكم وبينهم ميثق } [النساء: 92]؛ وهم صفات النفس وميثاقها قبول أحكام الشرع ظاهرا، أو ترك المحاربة مع القلب وأوصافه باطنا، { فدية مسلمة } [النساء: 92] على عاقلة الرحمة، { إلى أهله } [النساء: 92]، إلى أهل تلك الصفة المقتولة وهم بنية صفات النفس، كما قال تعالى:

إلا ما رحم ربي

[يوسف: 53]، { وتحرير رقبة مؤمنة } [النساء: 92]؛ وهي رقبة القلب محررة عن رق الكونين، { فمن لم يجد } [النساء: 92]؛ يعني رقبة مؤمنة من القلب والروح والسر؛ لتحرير رقابهم عن رق ما سوى الله، { فصيام شهرين متتابعين } [النساء: 92]؛ يعني: فعليه الإمساك عن مشارب العالمين على التتابع والدوام، مراقبا قلبه لا يدخله شيء من الدنيا والآخرة، مراعيا وقته لا يفوته طرفة عين، بحيث لو أفطر بأدنى شيء من المشارب كلها يستأنف الصوم بالإمساك، ولا يفطر بشيء دون لقاء الله تعالى كما قال قائلهم:

وحق له لما اعتراه نواكم

لقد صام طرفي عن شهود سواكم

ويبدو هلال الصب حين يراكم

يعيد قوم حين يبدو هلالهم

وفي قوله تعالى: { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } [النساء: 92]، إشارة أخرى؛ وهي أن تربية النفس وتزكيتها ببذل المال وترك الدنيا مقدمة على تربيتها بالجوع والعطش وسائر المجاهدات، فإن: " حب الدنيا رأس كل خطيئة " ، وهو عقبة لا يقتحمها إلا الفحول من الرجال، كقوله تعالى:

فلا اقتحم العقبة * ومآ أدراك ما العقبة * فك رقبة

Halaman tidak diketahui