415

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genre-genre

[الأعراف: 31]؛ أي: كلوا وأشربوا بقدر الحاجة لقوام القالب إقامة لأداء الواجب عليكم، ولا تسرفوا بالإكثار وتتبع الشهوات الحيوانية، فتأكلوا كما تأكل الأنعام والنار مثوى لكم، بل تصرفوا فيها بقدر تحصيل النفقة الواجبة عليكم للعيال.

{ وأحل لكم ما وراء ذلكم } [النساء: 24]؛ أي: ما وراء الذي أحصن بملكية الغير يتعلق حقه ونظره وهمته فإنه بقطعكم عن الحق، { أن تبتغوا بأمولكم } [النساء: 24]؛ أي: لتبتغوا بمالكم { محصنين } [النساء: 24]؛ يعني: حرائر من الدنيا وما فيها، { غير مسفحين } [النساء: 24] في الطلب؛ معناه: لا تبذلوا أنفسكم عند الخلق بطلب الشهوات، ولا تسفحون مياه وجوهكم عند الله تعالى؛ لنيل المرادات الإنسانية واستيفاء اللذات الحيوانية، { فما استمتعتم به منهن } [النساء: 24]؛ أي: من ضرورات الخلق من الدنيا مأكولا ومشروبا وملبوسا ومنكوحا على هذا الوجه، { فآتوهن أجورهن فريضة } [النساء: 24]؛ أي: قاطعوا حقوق تلك الحظوظ بالطاعة والشكر والذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم:

" أذيبوا طعامكم بذكر الله "

، { ولا جناح عليكم فيما ترضيتم به من بعد الفريضة } [النساء: 24]؛ أي: فيما تفتدون أنفسكم من المجاهدات والرياضة، واحتمال الأذى في الله تقربا إلى الله تعالى من بعد أداء ما فرض الله عليكم، { إن الله كان عليما } [النساء: 24] بنياتكم وقصوركم، { حكيما } [النساء: 24] فيما يهديكم إلى مطلوبكم ومقصودكم.

[4.25]

ثم أخبر عمن لم يستطع بقوله تعالى: { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح } [النساء: 25]، إشارة في الآية: إن الله تعالى كما أحب نزاهة فراش المؤمن عن دنس السفاح، قد أحب نزاهته عن خسة النفس عند القدرة على نكاح الحرائر، ثم رخص برحمته في نكاح الإماء عند عدم الاستطاعة، فقال تعالى: { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنت المؤمنت فمن ما ملكت أيمنكم من فتيتكم المؤمنت } [النساء: 25]، وشرط فيه الإيمان، ولم يجز أن يكون فراش المؤمن ملوثا بتلوث الشرك، والأمة جميعا ورخص عند الضرورة بانفرادهما توسعا ورحمة، فيجوز نكاح الكتابية المشركة، ويجوز نكاح الأمة المؤمنة، وفيه إشارة أخرى وهي: إن الله تعالى أحب نزاهة قلب المؤمن عن دنس حب الدنيا، كما أحب نزاهة فراشه فقال: { ومن لم يستطع منكم طولا } [النساء: 25]؛ أي: قدرة أن ينكح المحصنات المؤمنات، أن يسخر عجوز الدنيا الصالحة بأسرها ويجعلها منكوحة له، ويحصنها بتصرف شرائع الإسلام والإيمان، بحيث لا يكون لها تصرف في قلبه بوجه ما، { فمن ما ملكت أيمنكم } [النساء: 25]؛ أي: فيتصرف في القدر الذي ملكت يمين قلبه من الدنيا، فلا يملك قلبه، { من فتيتكم المؤمنت } [النساء: 25]؛ أي: إذا كانت الدنيا له أمة مأمورة بخدمته وهي مؤمنة له بالخدمة، كما قال صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله:

" يا دنيا: أخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك ".

{ والله أعلم بإيمنكم } [النساء: 25]، بمراتب إيمانكم وضعفكم في الإيمان { بعضكم من بعض } [النساء: 25] في الضعف، فإنه خلق الإنسان ضعيفا { فانكحوهن بإذن أهلهن } [النساء: 25]؛ أي: فليتصرف في الدنيا وزهراتها بإذن سيدها، { وآتوهن أجورهن بالمعروف } [النساء: 25]؛ اي: أدوا حقوقها إلى الله تعالى بالشكر وصرفها في رضا الله تعالى، وإلى الخلق بالشفقة في الإنفاق عليهم، وصلة رحم الأخوة في الله من غير منته ورياءه، { محصنت } [النساء: 25] بإحصان الصدق والإخلاص، { غير مسفحت } [النساء: 25] بالتبذير والإسراف، { ولا متخذت أخدان } [النساء: 25]؛ يعني: إن يتخذوا الدنيا خدن النفس والهوى، ويحسبوها حب الأخدان، { فإذآ أحصن } [النساء: 25]؛ يعني: إذا أحصنت دنياكم بإحصان الصدق، { فإن أتين بفحشة } [النساء: 25]، وأتت الدنيا وزهراتها بفاحشة وهي غلبات شهواتها على القلب، { فعليهن نصف ما على المحصنت من العذاب } [النساء: 25]؛ يعني: ببذل نصف ما ملكت يمينه من الدنيا في الله جناية وعزامة لما أظهر في الفاحشة، فإنه نصف ما على المحصنات في أول الآية، عبر عنها بمنكوحة ذي الطول المستطيع وهي الحسرة، وقلنا هي عجوز الدنيا، وكما أن حد الحرة المحصنة في إتيان الفاحشة إهلاكها بالرحم، وحد الأمة المحصنة نصف ما على المحصنات، فكذلك حد عجوز الدنيا إذا أحصنها ذو الطول من الرجال فإن أتت بفاحشة أهلكها بالكلية في الله كما كان حال أبي بكر رضي الله عنه، وحد الأمة المحصنة من الدنيا هلاك نصفها كما كان حال عمر رضي الله عنه، والذي يؤكد هذا التأويل حال سليمان عليه السلام

إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد

[ص: 31]، فلما شغلته عن الصلاة وأتت بفاحشة حب الخيل،

Halaman tidak diketahui