Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genre-genre
[النساء: 93]، قال: " إن جازاه "؛ يعني: جزاؤه الخلود إن شاء أن يجازيه فيخرجه، ومنها: ما يبطل الاستعداد الأصلي بالكلية فلا يقبل التدارك بمشيئته كما حكم في الأزل،
سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا
[الفتح: 23]، وهو قتل الأنبياء - عليهم السلام - كما قال تعالى: { أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } [آل عمران: 22]؛ أي: كل عمل روحاني حصل منهم في الباطل على وجه الاستكمال، { وما لهم من ناصرين } [آل عمران: 22]؛ يعني: ليس من سنة الله أن ينصر من أبطل استعداده بالكلية بمثل هذا المعاملات في الدنيا والآخرة، في أصل الأمر إذ الإنسان خلق مستعدا؛ لقبول فيض أحدى الصفتين، إنما يكون بمعاملات الظاهر والباطن على وفق متابعة الأنبياء في قبول فيض اللطف بأن يغذي نفسه في متابعة الأنبياء؛ ليكون من خير البرية، ونقصان الإنسان في قبول فيض القهر بأن يقتل الأنبياء؛ ليكون شر البرية، ولهذا الاختصاص في قبول كمال القهر، أن لا يقبل توبة في الدنيا والآخرة، ويحتمل أن يرجى لإبليس النجاة ولا يرجى له أبد الآبدين.
[3.23-27]
ثم أخبر عن غرور أهل الغفلة والفتور بقوله تعالى: { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون } [آل عمران: 23]، { ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون } [آل عمران: 24]، إشارة في الآيات: إن من أوتي نصيبا إذا ادعي إلى حكم من أحكام الله، أو يدعي إلى ترك الدنيا ومخالفة الهوى، وشيء من الورع والتقوى والقربة إلى المولى، كما أنزل في كتاب الله أخذته الأنفة، ودعته العزة أن يقبل الحق وينقاد له، ويثقل عليه الأسماع ويعرض في الاتباع، فهو مغرور في الدنيا بما يفتري الشيطان ويغويه، وتمنيه الأنفس وتستهويه.
{ فكيف إذا جمعناهم } [آل عمران: 25]، حال المغرور إذا جمعهم الله { ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت } [آل عمران: 25]، في مزرعة الدنيا من الدرجات العلا والدركات السفلي، { وهم لا يظلمون } [آل عمران: 25]، بأن ينزل أهل الدرجات في الدركات، وأهل الدركات في الدرجات؛ لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وإنما خص { الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } [آل عمران: 23] هذا الاختصاص؛ لأن أكثر ما أدنى نصيبا من العلم الظاهر ولم يؤت نصيبا من العلم الباطن؛ فإنهم أهل العزة بالله بالظاهر، ويغفلون عن الأحوال الباطنة، فيستولي الشيطان على بواطنهم، ويزين لهم الدنيا وشهواتها وشكرهم بلذاتها ورفعة الدرجات، فتهلكهم في واد من أوديتها.
ثم أخبر عن كمال عنايته مع أهل ولايته بقوله تعالى: { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشآء وتنزع الملك ممن تشآء } [آل عمران: 26]، إشارة في الآيتين: إن الله تعالى هو الملك في الحقيقة، ولا ملك ولا ملك إلا له؛ لأنه ملك له ملك العدم والوجود بالمالكية فإنه كان مالكا، ولم يكن معه وجود ولا عدم فأبدع بالملكية، فإنه ملك الوجود في مراتب شتى:
فمنها: وجود قابل الفناء والعدم؛ وهو عالم الكون والفساد، ومنها: وجود قابل البقاء غير فان ولا عادم؛ وهو عالم يقبل الكون ولا يقبل الفساد، فكان مالك ملك الوجود والعدم بالمالكية؛ لإبداعه، فقوله: { تؤتي الملك من تشآء } [آل عمران: 26]؛ يعني: تؤتي ملك الوجود الباقي الذي لا يقبل الفناء { من تشآء } [آل عمران: 26]؛ يعني: الملكية والإنسان، فإن شخص الإنسان قابل للفناء، ولكن روحه لا تقبل الفناء: كالملائكة وعالم الأرواح والملكوت؛ وهو عالم الآخرة، { وتنزع الملك ممن تشآء } [آل عمران: 26]؛ يعني: تنزع ملك الوجود الباقي ممن تشاء من الحيوانات وعالم الكون والفساد.
{ وتعز من تشآء } [آل عمران: 26]؛ يعني: تعز بعزة الوجود الحقيقي، الذي لا يقبل الكون والفساد من تشاء من الأنبياء والأولياء، دليله قوله تعالى:
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
Halaman tidak diketahui