Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genre-genre
وهذا كما أن الله تعالى لما أراد بالحكمة البالغة أن ينتفع أهل الأرض بنور الشمس وحرارتها وخواصها جعل بين الشمس وبين الأرض فلك الزمهرير وهو الهواء البارد، ثم البحر المحيط من الماء البارد واسطة حتى يندفع قوة الحرارة ببرودتهما، ولو لم يكن ذلك لاحترقت الأرض ومن عليها فلإفشاء هذا السر وكشفه هذه الحقيقة على أسرار شاكري نعمائه، جعل توقيع بسم الله الرحمن الرحيم في صدر كتابه الكريم ليتحقق لهم أن الخلق حجاب الاسم محجوبون عن الله تعالى، فلما عبروا بجذبات ألطافه عن حجاب الاسم وصلوا إلى المسمى وهو الله فيتجلى لهم بالألوهية، فإذا أرادت سطوة التجلي أن تمحقهم بالكلية فأدركتهم الصفة الرحمانية والرحيمية فتبقيهم بلا هم.
والمختار عندنا: أن كلمة الله أعظم الأسماء من وجوه:
الأول: أن الأخبار تدل على هذا وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد فإذا رجل يصلي يقول:
" اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الصمد الذي لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب... "
الحديث.
وأما ما روى أبي ابن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" هو في قوله: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } [البقرة: 255] أو في قوله: { الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم } [آل عمران: 2] "
فالأخبار دالة على أن الاسم الأعظم مودع في الدعاء والآيتين ولا بد أن يكون مكررا في كل آية منهما وفي الدعاء هو الحي القيوم، فلما حضر النبي صلى الله عليه وسلم الاسم الأعظم في هاتين الآيتين علمنا أن ذلك هو الحي القيوم قلنا فلما نظرنا ما وجدنا الاسم المكرر في الآيتين والدعاء إلا اسم الله، فتحقق بناء أن الاسم الأعظم هو الله.
وأما الجواب عن قول من احتج بالآيتين على أن الاسم الأعظم في إحدى الآيتين ووجد فيهما: فلو كان للحصر لكان " أو " للشك هاهنا، ولو كانت للشك لما وجد إلا في آية منهما دون الأخرى، كقولنا: زيد في هذا الدار أو في هذه، فلا بد وأن يكون في دار واحدة فلما وجد في الآيتين، وما نفي عما سواها علمنا أنه يحتمل أن يوجد في موضع آخر كما وجدنا في الدعاء في الحديث.
والثاني: أن الاسم على نوعين: اسم الذات واسم الصفة، فكما أن الذات أشرف من الصفة، فكذلك اسم الذات أشرف وأعظم من اسم الصفة، وقد بينا أن هذا الاسم - أعني الله - اسم الذات وغيره من الأسماء الصفات فتعين أن يكون هو الاسم الأعظم.
Halaman tidak diketahui