Kitab At-Tauhid
كتاب التوحيد
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ) - 311 AH
Penyiasat
عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
Penerbit
مكتبة الرشد-السعودية
Nombor Edisi
الخامسة
Tahun Penerbitan
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
Lokasi Penerbit
الرياض
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، وَقَرَأَهُ، عَلَيَّ مِنْ كِتَابِي قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ ⦗٤٢٩⦘، قَالَ: ثَنَا مَسْلَمَةُ وَهُوَ ابْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، قَالَ: ذَكَرُوا الدَّجَّالَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: تَفْتَرِقُونَ أَيُّهَا النَّاسُ عِنْدَ خُرُوجِهِ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: ثُمَّ يَتَمَثَّلُ اللَّهُ لِلْخَلْقِ فَيَلْقَى الْيَهُودَ، فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ، إِذَا اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ: يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سُجَّدًا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ، خَرَّجْتُ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] إِنَّمَا أَرَادَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ⦗٤٣٠⦘، بِضَمَائِرِهِمْ، فَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، دُونَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِضَمَائِرِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِيَوْمِ الدِّينِ، رِيَاءً وَسُمْعَةً أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ ﷿ ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٥]، إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ١٠] أَيْ قَوْلُهُ ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] أَيِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ يَرَوْنَ اللَّهَ حِينَ يَأْتِيَهُمْ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ هَذَا فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يَرَوْنَهُ لِلِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ، فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَةً إِلَّا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ ⦗٤٣١⦘ فَاللَّهُ ﷾ يَحْتَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَمُنَافِقٍ وَبَقَايَا أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْخَبَرِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّهُ ﷿ لَنَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَا بَانَ وَثَبَتَ وَصَحَّ أَنَّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ قَدْ تَسَاقَطُوا فِي النَّارِ وَجَمِيعَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يَتَرَاءَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَرِّهَا وَفَاجِرِهَا وَمُنَافِقِهَا بَعْدَمَا تَسَاقَطَ أُولَئِكَ فِي النَّارِ فَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: كَانَ مُحْتَجِبًا عَنْ جَمِيعِهِمْ لَمْ يَرَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَكْذِبُونَ﴾ [المطففين: ١٥] فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ ﷿ أَنَّ مَنْ حُجِبَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، هُمُ الْمُكَذِّبُونَ، بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧] وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ: فَإِنَّمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ وَيُقِرُّونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ رِيَاءً وَسُمْعَةً ⦗٤٣٢⦘ فَقَدْ يَتَرَاءَى لَهُمْ رُؤْيَةَ امْتِحَانٍ وَاخْتِبَارٍ وَلْيَكُنْ حَجْبُهُ إِيَّاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ رُؤْيَتِهِ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ وَنَدَامَةً، إِذْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ بِقُلُوبِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ، وَبِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ وَنهَى عَنْهُ، بِيَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ: أَيْ قُلْ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ؟ إِلَى قَوْلِهِ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي فَاللِّقَاءُ الَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ غَيْرُ التَّرَائِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ يَتَرَائَى لِمَنْ قَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ، وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ الرَّبُّ جَلَّ ذِكْرُهُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَلَامٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرِ الْكَافِرِ إِلَى خَالِقِهِ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَلِّمُ بِهِ رَبَّهُ ﷿ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ إِيَّاهُ كَلَامَ تَوْبِيخٍ وَحَسْرَةٍ وَنَدَامَةٍ لِلْعَبْدِ، لَا كَلَامَ بِشْرٍ وَسُرُورٍ وَفَرَحٍ وَنَضْرَةٍ وَبَهْجَةٍ أَلَا تَسْمَعْهُ يَقُولُ فِي الْخَبَرِ بَعْدُ مَا يَتْبَعُ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينِ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَهُمْ، إِلَى جَهَنَّمَ قَالَ: ثُمَّ نَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: عَلَى مَا هَؤُلَاءِ قِيَامٌ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ، وعَبَدْنَاهُ وَهُوَ رَبُّنَا، وَهُوَ آتِنَا وَيُثَبِّتُنَا، وَهَذَا مُقَامُنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ وَيَضَعُ الْجِسْرَ أَفَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: فَيَأْتِينَا رَبُّنَا، إِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ تَسَاقُطِ الْكُفَّارِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي جَهَنَّمَ ⦗٤٣٣⦘ فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ أَنَّ قَوْلَهَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ وَهُوَ لِقَاءُ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [يونس: ٧] الْآيَةَ، وَقَالَ: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [يونس: ١١] وَقَالَ: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الكهف: ١١٠] الْآيَةَ، وَ﴿قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرَ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ [يونس: ١٥] وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» لَمْ يُرِدْ مَنْ يَرَى اللَّهَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَاللِّقَاءُ غَيْرُ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ ⦗٤٣٧⦘ وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّ قَوْلَهَ: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ﴾ لَيْسَ مَعْنَاهُ رُؤْيَةَ الْآخِرَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ (الْإِيمَانِ) فِي ذِكْرِ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَأَبْوَابِهِ مَعْنَى اللِّقَاءَ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْرَارِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ
2 / 428