Tawfiq al-Rabb al-Mun'im bi-Sharh Sahih al-Imam Muslim
توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم
Penerbit
مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Genre-genre
بَابُ صِحَّةِ الاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمُعَنْعَنِ
وَهَذَا الْقَوْلُ- يَرْحَمُكَ اللَّهُ- فِي الطَّعْنِ فِي الأَسَانِيدِ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ مُسْتَحْدَثٌ، غَيْرُ مَسْبُوقٍ صَاحِبُهُ إِلَيْهِ، وَلا مُسَاعِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ- قَدِيمًا وَحَدِيثًا-: أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ ثِقَةٍ رَوَى عَنْ مِثْلِهِ حَدِيثًا، وَجَائِزٌ مُمْكِنٌ لَهُ لِقَاؤُهُ، وَالسَّمَاعُ مِنْهُ؛ لِكَوْنِهِمَا جَمِيعًا كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا، وَلا تَشَافَهَا بِكَلامٍ، فَالرِّوَايَةُ ثَابِتَةٌ، وَالْحُجَّةُ بِهَا لازِمَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ دَلالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا الرَّاوِيَ لَمْ يَلْقَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا.
فَأَمَّا وَالأَمْرُ مُبْهَمٌ- عَلَى الإِمْكَانِ الَّذِي فَسَّرْنَا- فَالرِّوَايَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَبَدًا حَتَّى تَكُونَ الدَّلالَةُ الَّتِي بَيَّنَّا، فَيُقَالُ- لِمُخْتَرِعِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي وَصَفْنَا مَقَالَتَهُ، أَوْ لِلذَّابِّ عَنْهُ-: قَدْ أَعْطَيْتَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِكَ: أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنْ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ حُجَّةٌ، يَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ، ثُمَّ أَدْخَلْتَ فِيهِ الشَّرْطَ بَعْدُ، فَقُلْتَ: حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا الْتَقَيَا مَرَّةً فَصَاعِدًا، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا، فَهَلْ تَجِدُ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي اشْتَرَطْتَهُ عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ؟، وَإِلا فَهَلُمَّ دَلِيلًا عَلَى مَا زَعَمْتَ.
فَإِنْ ادَّعَى قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِمَا زَعَمَ مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ طُولِبَ بِهِ، وَلَنْ يَجِدَ هُوَ- وَلا غَيْرُهُ- إِلَى إِيجَادِهِ سَبِيلًا، وَإِنْ هُوَ ادَّعَى فِيمَا زَعَمَ دَلِيلًا يَحْتَجُّ بِهِ، قِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ الدَّلِيلُ؟ فَإِنْ قَالَ: قُلْتُهُ لأَنِّي وَجَدْتُ رُوَاةَ الأَخْبَارِ- قَدِيمًا وَحَدِيثًا- يَرْوِي أَحَدُهُمْ عَنْ الْآخَرِ الْحَدِيثَ، وَلَمَّا يُعَايِنْهُ، وَلا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا قَطُّ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ اسْتَجَازُوا رِوَايَةَ الْحَدِيثِ بَيْنَهُمْ هَكَذَا عَلَى الْإِرْسَالِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ، وَالْمُرْسَلُ مِنْ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ- احْتَجْتُ
1 / 42