وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظن صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية، ورأى ما بينها من التعارض؛ فصار تارةً يختار طريقة أهل التأويل، وتارةً يفوض معانيها؛ ويقول: تجرى على ظواهرها (١).
وما ذكره شيخ الإسلام عن القاضي أبي يعلى واضح لمن تأمل كتبه مثل: المعتمد في أصول الدين وإبطال التأويلات لأخبار الصفات، وهو أيضًا قد يختار قولًا مخالفًا لمذهب السلف؛ ثم يرجع عنه؛ كاختياره بأن أول واجب على المكلف النظر، في كتابه مختصر المعتمد، ورجع عنه إلى قول السلف في كتابه عيون المسائل، وقد نقل عنه ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.
وهو في الصفات يوجب إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله وفي سنته. وقال في كتابه إبطال التأويلات (١/ ٤٣): إنه لا يجوز رد هذه الأخبار -يعني أخبار الصفات- على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية. والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى؛ لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق ... وقد ألف كتابه هذا في الرد على أبي بكر ابن فورك الأشعري في تأويلاته التي شحنها كتاتج ٥ مشكل الحديث وبيانه.
وقد أُخذ على أبي يعلى توسعه في الإثبات، فأثبت صفات لم يصح بها الخبر عن رسول الله ﷺ. وقوله في إثبات الصفات الفعلية مضطرب؛ فتارة يؤولها كما في كتابه المعتمد في أصول الدين، وتارة يثبتها على أنها صفات ذاتية، لا تقوم بمشيئته، وتارةً يثبتها؛ وأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه؛ على مذهب السلف في ذلك (٢)، ويتضح الإضطراب والتراجع عند القاضي أبي يعلى في مسألة الرؤية، فقد أثبت في أول كتابه
_________
(١) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٣).
(٢) ينظر: المعتمد في أصول الدين (ص ٦١، ٥٤ - ٥٥، ٨٦، ٩٣) وعنه ينقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١٢/ ٥٤).
1 / 17