[سبب رجوعه من اليمن المرة الأولى]
[61] حدثني أبو العباس الحسني رحمه الله قال: أخبرني الشيخ أبو الحسين علي بن إسماعيل بن إدريس أنه سمع أباه رحمه الله يقول: قدمت المدينة وقد وردها يحيى بن الحسين من اليمن مغاضبا أهلها أنهم لا يطيعون الله، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فتركهم واعتزل أمرهم.
قال: فوردت كتب أهل اليمن على أبيه الحسين بن القاسم، وعمومته بالمدينة يتوسلون بهم على يحيى بن الحسين عليه السلام ويرغبون إليهم في التشفع إليه، حتى يعاودهم، فإنهم يأتمرون له، ولا يخالفونه في شيء، فقد أخلفت ثمارهم وزروعهم وأسرع الموت منذ خرج في مواشيهم وأنعامهم، فأجابهم وعاودهم بعد تشفع كثير من أبيه وعمومته واستقصاء شديد.
[62] قال أبو العباس الحسني رحمه الله: وقد حدثني أبو عبد الله اليماني رحمه الله وكان فارس يحيى بن الحسين عليه السلام وأحد أبطال أصحابه- قال: كان سبب خروجه عنهم أن بعض القواد، أظنه قال: من أرحام أبي العتاهية - وأبو العتاهية هذا هو الذي دعا يحيى بن الحسين عليه السلام من المدينة وسلم أمر اليمن إليه، وكان واليها على أهلها - وقام بين يدي يحيى بن الحسين منخلعا متجردا من كل شيء تقربا إلى الله عز وجل وإنابة إليه - وكان يحيى بن الحسين بلغه عن هذا القائد وشهد عليه عنده أنه شرب مسكرا، فبعث إليه من يقدم به ليقيم حد الله عليه فامتنع، فركب هو عليه السلام بأصحابه إلى حيث كان الرجل فامتنع عليه فغضب وخرج، وقال: لا أكون كالمصباح يضيء لغيره ويحرق نفسه.
وكان هذا أبو عبد الله رحمه الله من خلص أصحابه وأهل الفضل والورع فيما علمته.
Halaman 509