128

وعاد عليه السلام إلى الحما وفرق تلك المدافع في المراتب فقل طمع مصطفى، وبعدها ضاقت بجنود العجم الأحوال (ولاحت لهم أمارات الوبال والزوال)(1)، وقد تكاثرت عساكرهم(2) في زبيد ولا مدد لهم فطلبوا من مولانا الحسن عليه السلام الصلح ثلاثة أشهر، فحصل في أيام الصلح حريق المحطة الإمامية، ومرض المجاهدون عموما ومات كثير منهم، ومرض مولانا الحسن عليه السلام، و(كذلك)(3) مولانا الحسين عليه السلام، ولما بلغ العجم ضعف المحطة الإمامية حاولوا نقض الصلح وكان لهم ضربة ضعيفة جدا، فكاتبوا مولانا الحسن عليه السلام (أن يكون ضربتهم)(4) كالضربة الأمامية في المضي سواء، فشق ذلك عليه عليه السلام ، فأجمع رأي من لديه على إمضائها حتى تصله عليه السلام الأمداد، ويبقوا أصحابه وأراد الباشا بعد ذلك الغدر بمن في الحما، وتقدم إلى زبيد، فنزل به مرض شديد بحيث لم يعرف موضعه مدة، حتى تقوت المحطة الأمامية وتضاعف(5) المدد وتظافرت جنود الحق والعدد فكانت وقعة القرية(6) استشهد فيها جماعة من أعيان الجنود الإمامية، ومن الظالمين نحو سبع مائة نفر ثم ألقى الله سبحانه بين الظالمين العداوة والشقاق والتخاذل بين باشاتهم، وبين مصطفى، وما جرى من جنودهم إلى باشاتهم من الجفا، حتى (آل الأمر) (7) أن خرج الباشا قانصوه إلى يد مولانا الحسن عليه السلام آخر نهار الخميس رابع شهر صفر سنة خمس وأربعين وألف فأحسن إليه وجهزه إلى الروم، وكان لخروج هذا الباشا موقع عظيم، ومن الله تعالى بالفرج على المسلمين والظفر وأنالهم الفرح بالنصر وأعقب تعالى العسر باليسر، وارتفع مولانا الحسن إلى المنجية، فخاطبه مصطفى ومن معه بأن يبلغهم عليه السلام بما يحتاجون إليه لدخولهم مصر لما عجز مصطفى عن كفايتهم وتسلم مولانا الحسن زبيد والمخا، وتقدم عليه السلام إلى المخا بعد أن جهز الجميع في شهر رمضان من السنة المذكورة.

وكان قد طلع مولانا الحسين عليه السلام في خواصه إلى الدامغ، {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين}[الأنعام:45] و{إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}[الأعراف:128]

تعقب ذلك نهوض مولانا الحسن عليه السلام (ومن معه)(1) إلى الدامغ وكان وصوله إليه في غرة شهر الحجة سنة خمس وأربعين وألف وكان الجدب قد عم شرقا وغربا.

وفي (سنة)(2) ست وأربعين ارتفع السعر حتى بلغ القدح الصنعاني قرشا، (ولم يعهد) (3) ارتفاعه في اليمن إلى ذلك الحد، وهلك عالم من الناس جوعا حتى خلت أماكن كثيرة، ولاذ بشهارة عالم واسع(4) (من كل مكان قريب وشاسع)(5).

ومولانا الحسن عليه السلام لما استقر بضوران وفد إليه أهل الحاجات من كل مكان، وأعطى جميع ما عنده(6) من الطعام والنقود حتى بلغ الحال إلى أنه(7) اقترض من أهل الذخائر من الرعايا، واستقر عليه السلام في الدامغ حتى ابتدأه المرض في نصف رمضان سنة ثمان وأربعين وألف.

وتوفي عليه السلام عند غروب الشمس في يوم عيد الفطر، أول يوم(8) من شوال من السنة المذكورة، ودفن غربي الجامع الذي أسسه عليه السلام في الحصين، وصلى عليه مولانا الحسين عليه السلام، وحصل مع المسلمين من هجوم موته أمر هد، وحادث أقام وأقعد، وعظ في الإسلام أثره(9)، ووقع في نفوس أهل الإيمان موقعا جل سماعه وهال خبره وقيلت فيه المراثي الحسنه. منها:

Halaman 127