Tatimmat Bayan dalam Sejarah Afghan
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
Genre-genre
وفي أثناء هذه الواقعة تحرك الملك محمود حاكم سجستان بعشرة آلاف جندي؛ لتخليص أصفهان، ولما بلغ هذا الخبر أهالي أصفهان قويت قلوبهم، وتعلقوا بحبل الرجاء، وعند شعور مير محمود الأفغاني بذلك أرسل إليه «أن ارجع عن عزيمتك هذه، ولك بلاد خراسان وسجستان تحكمها أنت وذريتك على سبيل الاستقلال.» فصارت هذه الرشوة عمى في بصر مروءته، فعاد للاستيلاء على الممالك التي وعده بها محمود، وانقطع الرجاء بعد ذلك من مدينة أصفهان وسدت طرق النجاة على أهلها وازداد الغلاء شيئا فشيئا، حتى وقع القحط، وأخذ الناس في أكل الحيوانات غير مأكولة اللحم، كالبغال والحمير ثم القطط والكلاب ثم الموتى من الآدميين، ثم كان الناس يموتون في الطرق والأزقة من الجوع وامتلأ نهر «زاينده رود» من جثث الموتى حتى تغيرت مياهه، ولم يكن يستطيع أحد أن يشرب منه، فلما بلغ الحال إلى هذا الحد وذلك في حادي وعشرين أكتوبر سنة 1722 عيسوية
5
المقارنة لسنة 1153 هجرية، خرج شاه سلطان حسين من الحرم لابسا لباس الحداد مع جميع أمرائه، وأخذ يدور في أزقة أصفهان، وهو يبكي من المصائب التي نزلت في أيام دولته على العباد والبلاد ويقول: «إن كل ذلك من خيانة الناصحين وعدم ديانة المشيرين.» ويبين للناس أنه يريد أن يتنازل عن الملك والتاج للأفغانيين، ولما شاهد الناس منه ذلك نسوا مصائبهم ومصائبه، وأجروا سيل الدموع من أعينهم. «هذا جزاء الغفلة وعدم التيقظ والانهماك في الشهوات واستخدام المخالفين في الجنس والمقاصد في المصالح المهمة خصوصا في زمن الحرب.» وفي اليوم الثاني رقموا قرار التسليم وختم عليه جميع الأمراء والكبراء.
وفي الثالث والعشرين من الشهر المذكور خرج شاه سلطان حسين مع جميع العظماء وثلاثمائة من خيالة إيران وذهبوا إلى محمود في فرح آباد، فلما دخلوا عليه في قصره لم يتحرك من مجلسه إلى أن وصلوا وسط الديوان، ثم إن الشاه خلع ريشة الملك عن رأسه وقال لمحمود: «يا بني، إن الله تعالى لم يرد أن أكون على كرسي إيران أزيد مما كنته، وأنت الآن أحق به.» فأجابه محمود: «إن الله يعطي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.» فغرز الريشة في عمامته، ثم تصافيا وزوجه الشاه ببنته في ذلك المجلس، وفي اليوم الثاني دخل محمود مدينة أصفهان، وأجرى السلام العام، فقابله الشاه وجميع الأمراء وسلموا عليه بالسلطنة، ولما استولى محمود على كرسي أصفهان اجتهد في تخليص الناس من جهد البلاد والقحط الذي حاق بهم، وفي جبر الخواطر المنكسرة، فمال الناس إليه وأبقى كل ذي منصب على منصبه، إلا أنه جعل على كل واحد رجلا أفغانيا ليتمرن الأفغانيون على الأعمال الدولية
6
ويحصل له الاطمئنان والثقة بالأعمال، وعاقب بالقتل كل من خان الشاه ودلس عليه في الحرب إلا والي عربستان «خان أهواز» فإنه سلب جميع أمواله، وفضحه أشنع فضيحة ولم يقتله، كأنه عاهده على إبقاء روحه.
ثم أرسل أمان الله خان بستة آلاف جندي؛ لفتح مدينة قزوين فسار إليها، وفي أثناء الطريق فتح مدينة «قاشان» و«قم» ودخل بعد ذلك مدينة قزوين بلا معارض ولا ممانع، إلا أن أهل قزوين كانوا أولي بأس وقوة ونفوس تأبى الضيم خصوصا من مخالفهم في المذهب، فلما رأوا بعض تعد من الأفغانيين، تجمعوا، وهجموا على الأفغانيين من الأطراف، وعند وصولهم إلى أمام القلعة التي بها الحاكم خرج أمان الله خان لتسكين الثورة فجرح، وانتهى الأمر بغلبة الأهالي، وطرد الأفغانيين بعد قتل ألف شخص منهم وذلك في سنة 1136، وفي أثناء سير الأفغانيين المنهزمين انفصل أشرف ابن عم محمود عن أمان الله خان بثلاثمائة أفغاني، وأخذ طريق قندهار، وبعد واقعة قزوين قام أهالي خنسار وسائر البلدان وعملوا بالأفغانيين مثل ما عمل أهل قزوين، واجتمع جميع الأفغانيين في أصفهان، ولما رأى مير محمود ذلك غلب عليه الجبن والخوف، وتوهم أن أهالي أصفهان ربما يفعلون معه مثل ما فعل غيرهم بقومه فتحيل لقتل جميع المستخدمين في الحكومة من الأمراء وبقايا العساكر المحافظين للقلاع والعساكر الذين بمعية شاه سلطان حسين، وطرد جميع الرجال من المدينة، حتى صارت مدينة أصفهان خرابا يبابا، ولما رأى أن سلطنته لا يصح قصرها على البنيان جلب إليها بعضا من الأكراد السنيين كانوا مقيمين في «درجزين». ولما اجتمع الأكراد وجاءه إمداد من جهة قندهار وجه بعض العساكر لفتح «جلبايكان» و«خنسار» و«قاشان» ففتحوا، وأرسل نصر الله المجوسي الذي لحق به في كرمان لفتح مدينة شيراز وسائر المدن الواقعة على سواحل خليج فارس، ففتح جميع تلك البلاد إلا شيراز فإنه جرح في محاصرتها ومات بذلك الجرح فأحيلت قيادة العساكر على «زبردست خان» الأفغاني، وبعد محاصرة مات الناس فيها من الجوع فتح البلد عنوة ودخلها، وأمر بقتل جميع من كان محتكرا للأقوات في المدينة حتى إنه أتى ببعض المحتكرين وعلقه في مخزن بره
7
إلى أن مات جوعا، ولما فتحت شيراز تجدد لمحمود عزم ونشأت فيه قوة فجمع ثلاثين ألفا وتوجه بها إلى جانب «كوه كيلويه» الواقعة على نحو ثلاث درجات في جنوب أصفهان فتعرضت له القبائل الحالة بطريقه إلى تلك البلاد، وأخذوا ينهبون عساكره ويفتكون، واتفق أن وقع الموت في جيوشه لاختلاف الهواء ورداءة المناخ؛ فانفعلت لذلك نفسه، ورجع إلى أصفهان خائبا، ودخلها ليلا. وكذلك وقعت له هزيمة عظمى في مدينة «كز» قتل فيها من عساكره جمع كثير فتسبب عن هذه الحوادث نفور قلوب الأفغانيين منه، فأجبروه على إرجاع أشرف من قندهار وجعله ولي العهد، ثم غلب الوسواس على مير محمود فطلب العزلة والاشتغال بالرياضة، وتصفية الباطن، والاستمداد من عالم الغيب. «وهذه عادة الشرقيين عند وقوعهم في الارتباكات لخطيئاتهم يعدلون عن الأسباب الظاهرة التي أعدها الله لنيل الغايات إلى الاستمداد من الأسرار الباطنية، بترك اللحوم والانزواء والانعزال، وهي عادة هندية وثنية فشت بين المسلمين في القرن الثاني عشر من الهجرة.»
ولما رجع من عالم الغيب الظاهر، وخرج من الخلوة إلى الجلوس ازداد فيه الوسواس وسوء الظن، حتى إنه لخبر لا أصل له أمر بقتل تسعة وثلاثين من أولاد السلاطين الصفوية، وما زال به الوسواس حتى أورثه خبلا وجنونا، وقال «ملا على حزين»: «إنه بلغ به الجنون إلى درجة أن كان ينهش لحم نفسه بأسنانه.» وفي أثناء جنونه سمع الأفغانيون بحركة شاه طهماسب وتهيئه للإغارة فاضطروا أن يجلسوا أشرف على كرسي السلطنة في حياة محمود، فأبى قبول السلطنة ما لم يقتلوا محمودا قصاصا؛ لأنه هو الذي قتل أباه مير عبد الله، فقطعوا رأس محمود في سنة 1138 من الهجرة، وقدموها إليه، فقبل السلطنة وأخذ بزمامها، وكان موت محمود عن سبع وعشرين سنة، وكانت مدة سلطنته ثلاث سنين.
Halaman tidak diketahui