Tatimmat Bayan dalam Sejarah Afghan
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
Genre-genre
وكان وقتئذ ولده تيمور في مدينة «هرات» فلما سمع خبر الوفاة جمع العلماء والرؤساء وقواد العساكر وخاطبهم قائلا: «إن أبي وهو في حال حياته قد جعلني ولي عهده، غير أن وزيره أغراه وهو في الاحتضار بخلعي من ولاية العهد، وتولية أخي سليمان، بدلا عني. وهو الآن تضرب له طبول السلطنة في قندهار، وقد وضع يده على خزانة والدي، وعظمت بذلك قوته، واشتد بأسه، فهل فيكم من يؤازرني على استرداد حقي المغتصب؟» فصرخوا خافضين له جناح الخضوع، وقالوا بأجمعهم: «إن السواد الأعظم معك وكلنا بين يديك وعلى أهبة لتنفيذ أغراضك.» ثم اجتمعوا في مزار «خواجة عبد الله الأنصاري» وقام الشيخ يحيى العالم المشهور إذ ذاك، وقلده سيف السلطنة، وخضع له جميع الأفغانيين، واستعان بهم على أخيه حتى ظفر به وسجنه في قفص، ولبث في السجن زمن سلطنة تيمور إلى أن مات فيه، وكانت وفاته سنة 1233، ثم قتل وزير أبيه الذي كان قد سعى في خلعه، ثم ساق الجيش إلى هندستان وكشمير ولاهور وألجأ من نبذ طاعة الأفغانيين إلى الدخول في طاعتهم، وبعد ذلك ببضع سنين قلد ولده الثاني «محمود» ولاية هرات، ونقل كرسي السلطنة من قندهار إلى كابل، وجعل المتصرف فيها ولده الثالث «زمان» وقد كان هذا الولد على جانب عظيم من مكارم الأخلاق، واتفق في تلك الأيام أن شاه مراد بك أمير بخارى أغار على مدينة مرو فدمرها، وأسر جميع أهلها، وكانوا على مذهب الشيعة، فاستغاثوا بتيمور شاه فهم لاستنقاذهم، ولكن حال بينه وبين ذلك «فيض الله» أحد القضاة حيث أفتى بأنه لا يجوز لسني أن يسعى في خلاص شيعي. «فاعتبروا يا أولي الألباب.» وتوفى تيمور بكابل ليلة الثامن من شوال سنة 1207 وماتت راحة الأفغانيين بموته، وكان حسن السيرة، لين العريكة، محبا للسلم، ومن أجل ذلك قد نبذ طاعته بعض أمراء البلدان، وكان له من النساء ثلاثمائة من الحلائل، ليس فيهن أفغانية، وخلف اثنين وثلاثين ولدا.
ولما سمع همايون، وهو في قندهار، خبر وفاة والده، قام في قومه برسم السلطنة، وحشد الجنود، وتوجه بها إلى كابل؛ ليستولي عليها، فبلغ ذلك أخاه زمان فخرج لمقابلته بجيش جرار فتلاقيا، واحتدم القتال بينهما في «كلات الغلجاي»، غير أن همايون لم يثبت أمام أخيه، بل فر إلى هرات، والتجأ بأخيه الآخر محمود، والتمس منه أن يعينه على زمان فلم يجبه، ولما آيس منه ترك هرات، وسلك طريق قندهار، واتخذ له مقاما بين المدينتين، فاتفق أن قافلة كانت تأتي من قندهار إلى هرات فاعترضها همايون وقتل رجالها، وسلب أموالها، واستعان بها على حشد جيش؛ ليعاود قتال أخيه زمان، فبلغ ذلك حيدر ابن زمان، فخرج لصده، فلم يقو عليه، بل انهزم، ودخل همايون مدينة قندهار، وعامل أهلها بالخشونة، وعذب تجارها، ونهب أموالهم، وجيش بها الجيوش، ولما سمع بذلك زمان شاه ساق جيشه نحو قندهار، وأخذ في الحملة على همايون، وكانت الدائرة عليه، ففر إلى «ملتان» وقاومه واليها حتى هزمه، وقتل ولده، وأخذه أسيرا، وبعث به إلى زمان شاه فأمر بسمل عينيه.
وبالجملة فإن زمان شاه بمعونة القاضي فيض الله وباينده خان، وبمساعدة البخت، قد خلص له الملك بعد أبيه، واتخذ رحمة الله خان وزيرا له، مع أن الأمراء نصحوه بعدم توليته هذا المنصب، فلم يسمع نصائحهم، ولزم من إقامته فيه فساد على ما نبينه، وقد نفذت سلطة زمان شاهن في البلاد التي كانت تحت سلطة آبائه، كسند، وكشمير، وملتان، وديرة، وشكاربود، وبلخ ثم سار بنفسه إلى قندهار، وفي أثناء ذلك قام أخوه محمود في هرات، وادعى الاستقلال، وحشد العساكر، وسيرها نحو قندهار، فلما أحس بذلك زمان شاه خرج منها، وتوجه لمقابلته، فتلاقيا بين كرشك وزمين داود، فطلب زمان شاه أولا المصالحة من أخيه محمود، فأبى اتكالا على قوته، فاشتعلت نيران الوغى بين العسكرين، وانجلت بهزيمة محمود، ففر إلى هرات، ووقع كثير من أمرائه في الأسر، وخزينته في قبضة عساكر أخيه، وبعد هذه الواقعة وقعت المصالحة بينهما على شرط أن تكون هرات وفره تحت إمرة محمود، وأن تقرأ الخطبة، وتضرب السكة فيهما باسم شاه زمان، ثم توجه الشاه إلى كابل، ومن كابل إلى لاهور، وتسلط عليها وعلى الممالك القريبة منها، وعادت تلك النصرات على عساكره بالثروة والغنى.
وبينما هو في نواحي لاهور إذ بلغه أن محمودا نقض المعاهدة، ويريد فتح قندهار، فأسرع بالرجوع إليها، ومنها توجه إلى هرات، فلما سمع بذلك محمود جمع عساكره، وخرج من هرات لمقابلته إلا أنه بلغه أن الأمراء الذين تركهم في مدينة هرات قد أثاروا الفتنة فيها، ونزعوا لتسليمها بغضا في وزيره لكونه شيعيا فاضطر للرجوع، ولما دخل المدينة قام عليه «قلج خان» الذي كان رئيس أويمق «طائفة من الترك» مع فرقة من عساكره، وأظهروا العصيان، فأرسل وزيره الشيعي ليستميلهم، فحبسوه وأبوا إلا العدوان، وفي هذه الحالة سمع أن قيصر ابن شاه زمان قرب من المدينة، فلم يجد محيصا من الهرب فخرج مع ابنه كامران وفر إلى بلاد العجم، والتجأ إلى فتح علي شاه جد هذا الشاه الموجود الآن، فدخل قيصر مدينة هرات بلا ممانع، ثم حل بها شاه زمان أبوه، وجعله واليا فيها، وبعد مدة رجع محمود إلى نواحي هرات، وجمع بعضا من العساكر لفتحها، إلا أنه لم ينجح، بل انهزم، وحيث لم تطب نفسه بالرجوع إلى فتح علي شاه ذهب إلى أمير بخارى «شاه مراد» وبعد أن لبث عنده ثمانية أشهر استأذن منه في الذهاب إلى خوارزم ثم توجه من خوارزم قاصدا فتح علي شاه سلطان إيران مرة ثانية، وبعدما قضى مدة من الزمن عنده استعان به على تجهيز جيش جرار وساقه إلى قندهار فدخلها بدون ممانعة، ثم اتصل به فيها فتح محمد خان بن باينده خان، وساق معه الجيوش إلى كابل، فلما سمع بذلك شاه زمان خرج لملاقاتهما، ولما التقى الجمعان وقعت بينهما حرب هائلة، أريقت فيها دماء غزيرة من الطرفين، وانتهت بهزيمة شاه زمان، ووقوعه أسيرا بيد أخيه شاه محمود، فأمر بسمل عينيه، وقبض على وزيره رحمة الله خان الخائن، الذي قد كان لطمعه في السلطنة أغرى شاه زمان بقتل جميع الأمراء، وفيهم باينده خان أبو فتح محمد خان الذي اتصل بمحمود، فأمر محمود بتجريد هذا الوزير الشرير من ثيابه وإلباسه ثوبا من حصير، وإشهاره في المدينة على حمار، ثم بقتله بعد ذلك.
ولما لم يقو قيصر بن شاه زمان على مقاومة عمه، ترك مدينة هرات لفيروز الدين شقيق محمود، والتجأ إلى شاه إيران فتمت السلطة لمحمود وتسلط على كرسي كابل، ولما كان محمود يميل إلى مذهب الشيعة نفرت منه قلوب السنيين فتحرك عرق حميتهم وثاروا عليه ثم خذله الشيعيون أيضا، وأجمع أمر الجميع على إعناته فألقوا القبض عليه، وحبسوه في «بالاحصار» وأخرجوا شاه زمان الأعمى من الحبس ليحكم فيهم إلى أن يصل إليهم شاه شجاع، وبعد خمسة أيام قدم شاه شجاع من البنجاب، فأخرجوا محمودا من السجن، وقدموه إلى شاه زمان ليقتص منه، فعفا عنه رحمة به، وأمر برده ليحبس في بالاحصار. وبعد زمن قليل توجه شاه شجاع بجيش جرار إلى كشمير لتأديب واليها عطا محمد خان ابن شير محمد خان، حيث بلغه عصيانه ، فلما وصل إلى مدينة مظفر آباد بقرب كشمير، وافاه سفير من قبل عطا محمد ليعتذر للملك عن عصيانه، ويعرض عليه طاعة سيده وعبوديته له فرجع شاه شجاع بعدما وثق من معاهده، وبينما هو في الطريق إذ بلغه أن محمودا ومن كان معه من الأمراء في الحبس ذبحوا حرس القلعة، وفروا، والتحقوا بفتح خان، الذي كان مسجونا في قندهار وتخلص من سجنها، واتصل بكامران بن محمود وهو وقتئذ في نواحي الأراضي الأفغانية، وأنه قد وقع لذلك اضطراب شديد في مدينة كابل.
فلما ورد شاه شجاع المدينة وشاهد القلق المستولي على أهاليها تأسف بذلك أسفا عظيما، وبعد اجتماع محمود وابنه وفتح خان ذهبوا إلى هرات؛ ليستعينوا بالأمير فيروز الدين السابق ذكره، والي تلك المدينة، فقابلهم بكل احترام، وقدم إليهم هدايا وألبسة فاخرة، إلا أنه لم يأذن لهم بدخول المدينة، وأبى مساعدتهم، وأبدى لهم عن ذلك أعذارا فانقلبوا راجعين، وفي أثناء رجوعهم صادفوا قافلة آتية من هرات إلى قندهار وأخرى من قندهار إلى هرات فأجمعوا أمرهم على أن يقطعوا سبيل هاتين القافلتين، ويسلبوهما، وقد فعلوا، وبعد أن تمت لهم الغنيمة جهزوا أربعة آلاف خيال؛ لفتح قندهار، فلما اقتربوا منها برز إليهم واليها عالم خان بعساكره، وكانت مقتلة عنيفة انتهت بأسر عالم خان. وبعد مدة يسيرة افتتحوا المدينة، واستولوا عليها، ثم بعد مضي زمن جهزوا مائة ألف، وساروا بها لمحاربة شاه شجاع فالتقى الجمعان في قزنة، وبعد ملحمة مهولة تقهقر شاه شجاع، وفر إلى كابل، وحيث لم يكن على ثقة من الأهالي، ولم يركن إليهم فبارح المدينة متوجها إلى بيشاور، بعد أن ترك فيها الأمير حيدر بن شاه زمان، وبذلك تم الظفر لمحمود فدخل، واستولى على عرش الملك، وأبدى لرعيته علائم الشفقة والرحمة، وقلد فتح خان منصب الوزارة، وفوض إليه مهام أعمال السلطنة، وأطلق له التصرف ونصب ابنه كامران واليا على قندهار، ثم إن فتح خان أقام جميع إخوته ولاة في الممالك الأفغانية، وفي خلال تلك الوقائع قتل كامران قيصر الذي أسلفنا خبر هربه إلى إيران. وكان عوده لما سمع أن عمه شاه شجاع صار سلطانا، وبعد مدة طرد شاه شجاع من بيشاور فراسل عطا محمد والي كشمير يطلب منه أن يمده بالدنانير والدراهم، فأجابه عطا محمد «بأنك إن بعثت ما لديك من الجواهر رهنا أرسلت إليك ثلاثين لك روبية» «كل لك منها يساوي عشرة آلاف جنيه» ولم يكن عند الشاه من الجواهر سوى جوهرة كبيرة تسمى «درباي نور» أي بحر النور، فقدمها لعطا محمد فأرسل إليه خمسة عشر لكا، ووعده بإرسال الباقي، فجهز شاه شجاع جيشا، ورجع به إلى بيشاور ليسير منها إلى مدينة كابل، فلما بلغ محمودا خبره أخرج شاه زمان من السجن وخاطبه قائلا له: «إن المملكة قد حاق بها الضرر، وآلت إلى الخراب، وأريقت دماء المسلمين هدرا، فهلموا بنا نستبدل الشقاق بالاتفاق، ونشتغل فيما يعود على المملكة بحسن العاقبة وعلي أن أقوم بجميع واجباتكم وإنزال كل واحد منكم منزلة لائقة به، وأطلق جميع الأمراء المحبوسين من قيودهم وعليكم أن تراعوا مكانتي نظرا لكوني ابنا بكرا لأبينا.»
ولما سمع شاه زمان هذا الخطاب بعث يخبر به أخاه شاه شجاع، فلما وصل إليه الكتاب اتخذه وسيلة لتهديد عطا محمد إذ كتب إليه: «إن لم تعني بالمال والرجال، لأتفق مع أخي على قلع أساسك.» فاهتم لذلك عطا محمد، وجهز خمسة آلاف وسار بها إلى بيشاور. ففرح لذلك شاه شجاع ظنا منه أن عطا محمد قادم لإمداده، ولكنه أضمر غدرا، وفاجأ الشاه بتلك المدينة، وقبض عليه، وأخذه أسيرا في قفص إلى كشمير، واجتهد في تحصينها، وكاتب حكومة الإنجليز في الهند للاتفاق معه على أن يجهز جيشا لحرب رنجيت سنك الوثني
10
الذي اغتصب في أثناء تلك المناوشات الأهلية بعض البانجاب من بلاد الأفغانيين، وتخليص البلاد التي استولى عليها، وتركها بقبضة الإنجليز بشرط أن تعضده إن قصده محمود بسوء، فوقعت المكاتبة بيد جواسيس رنجيت سنك وقدموها له فبعث بها إلى محمود طالبا منه أن يتحد معه في الهجوم على عطا محمد فجهز كل منهما جيشا وفاجآه فأخذاه أسيرا، إلا أن محمودا قد عفا عنه، وخلص شاه شجاع من الأسر، أقام فتح خان الوزير أخاه عظيم خان واليا على كشمير، واستصحب رنجيت سنك شاه شجاعا، وذهبا إلى مدينة لاهور.
ثم بعد مضي سنتين شرهت نفس رنجيت سنك للاستيلاء على كشمير، فجهز ثمانين ألفا من عبدة الأوثان الباباناكيين، وسار بها إلى تلك المدينة، ولم يكن عند عظيم خان سوى عشرة آلاف من المسلمين، فكمن بهم حتى دخل الجيش الوثني الوادي، فأحدقت بهم العساكر الكامنة من الجهات الأربع، وأوقعوا بهم قتلا وأسرا، فكان عدد من قتل وأسر أربعين ألفا وفر باقي العساكر إلى بلادهم، ناجين بأنفسهم من العناء والمشقة، فانفعل لذلك رنجيت سنك، وكتب يستعطف محمودا ويعتذر إليه مما فعل قائلا: «إن الذي أغراه على ما فعل إنما هو شاه شجاع» ولما استشعر بذلك الشاه هم بمفارقة لاهور فطمع رنجيت سنك في مجوهراته، فأبى أن يسلمها إليه على وجه الملكية بل أعطاه إياها على سبيل الأمانة، وكان من جملتها درباي نور «وأظن أنها هي التي أصبحت الآن درة تاج بريطانيا» ثم فر ليلا والتجأ إلى الحكومة الإنجليزية، فتأسف رنجيت سنك لذلك، وكتب إليه يستميله إلى الرجوع، فلم يطب به نفسا، فرد عليه مجوهراته، وأما الإنجليز فإنهم عدوا التجاء الشاه إليهم من أسباب حظهم فأكرموا وفده.
Halaman tidak diketahui