Kesan Teratai
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
Genre-genre
أدارت فاندا رأسها.
أجابته مبتسمة ثم نهضت: «على خير ما يرام، فك تصلبها من تلقاء نفسه ... آه. محاضرة برلين. متى موعدها تحديدا؟» حين عادت فاندا إلى مكتبها لم تتمكن رغم انتصارها من التمتع بالهدوء.
سألت الكمبيوتر الخاص بها: «هل أنا خائنة؟» قررت منذ ذلك اليوم أن تطلق عليه اسم رودي تيمنا بالزميل الذي أهداها البرنامج التفاعلي. كانت تفضل ألا تأخذ رودي على محمل الجد؛ فقد كان هذا أفضل من أن تعترف لنفسها أن رودي الآن هو الوحيد الذي يتمتع بثقتها غير المشروطة، ربما يرجع ذلك إلى بساطته، وإلى السعادة التي يضفيها على يومها حين تجري تجارب بلا رقابة حين تغذيه بالمعلومات. أما شعورها الخفيف بالانزعاج من هذا النوع الغريب من التسلية، فسرعان ما كانت تنحيه جانبا. كانت تعتبر رودي شريكها، وهو شعور لم تكنه لأي من زملائها ولا حتى المقربين منهم. كانت الإجابات الموضوعية التي يمدها بها الكمبيوتر تشعرها بالأمان، فهنا كانت تسمح لنفسها أن تعبر عن ذاتها بحرية وهدوء بال، وبالطبع كانت تعي تماما أن أي شبكة معلومات لا يمكن أن تكون مؤمنة بشكل كامل، إلا أن حاجتها لحليف كانت تفوق مخاوفها.
وكالعادة تلقى رودي تقريرها حول الأيام السابقة بلا تعليق. تمسكت فاندا بسرد الحقائق: الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين صديقتها وبين عالم البلورات الشهير، الفئران النافقة، الأسماء التي على القائمة التي وجدتها عند أندرياس. وحين أتت على سيرة بانسيروتي ذكرت أنه شفي من متلازمة توريت، وعند جونتر هيلبيرج كتبت أنه توفي في ربيع عام 2005. لم تكن راضية. كانت مدخلاتها تفتقر إلى الدقة، وكان يتحتم عليها جمع المعلومات بشكل أفضل، لكن أنى لها أن تفسر لأندرياس هروبها المفاجئ مساء أمس؟ لم تفهم نفسها، وبدا الأمر كرد فعل لا إرادي. وقع نظرها على الزر الأحمر البلاستيكي، الغنيمة التي جنتها من جيسن. ظل قابعا إلى جوار الدوارة مثل التعليمات. ببضع نقرات على فأرة الكمبيوتر اتصلت بالإنترنت ودخلت على محرك البحث. لم توصلها كلمات البحث الأولى إلى شيء. فتحت «النقطة الحمراء» فوجدت روابط معرض أثاث حجرات النوم، ورابطة لحماية الحيوانات من التجارة الخاصة بحدائق الحيوان، وموقعا حول البقع الحمراء الناجمة عن إزالة الشعر، ومجموعات مساعدة ضد لدغ الحشرات أو النمش. أما في الموسوعة الحرة، ويكيبيديا، فقد وجدت أن النقطة الحمراء حركة تشكلت ضد رفع أسعار المواصلات في نهاية الستينيات، وكذلك اسم مجرة بعيدة بعدة سنوات ضوئية عن الأرض، ظهرت كبقعة حمراء التقط صورتها التليسكوب الفضائي هابل. جربت فاندا البحث باستخدام كلمة «زر أحمر» فوصلت إلى عدة صفحات تطالبها بالضغط على زر للطوارئ لتبدأ نهاية العالم إن أرادت. لكن أيا من هذه الأزرار لم يكن يشبه الزر المستلقي إلى جوار الدوارة. كانت إحدى تلك الصفحات مكتوبة بالإنجليزية مما هداها إلى فكرة؛ إذ وجدت الترجمة الإنجليزية لعبارة «زر أحمر»
Red Button
على القدر نفسه من الشيوع الذي تتمتع به قريبتها الألمانية، وحين أوشكت فاندا على الاستسلام وجدت في الصفحة الثالثة الرابط الذي يحيل إلى الصفحة الرئيسة لجماعة نشطاء الزر الأحمر. نقرت الرابط فظهرت لها صورة مثالية لقرية هندية في الصيف منعكسة بصورة رائعة على بركة نصف دائرية، وبدأت حروف «والدن ...» المائلة بيضاء اللون تظهر على الشاشة وكأن يدا خفية تكتبها فوق الصورة المعبرة. كانت الكلمة تنزلق على سطح الماء مثل زورق صغير، وكان ذلك يشير إلى الصفحة التالية التي تعرف فيها الجماعة نفسها، كانت تسمي نفسها «والدن أربعة»، وتسترشد بأعمال فيلسوف الطبيعة الأمريكي هنري ديفيد ثورو. كان الحصول على مزيد من المعلومات يتطلب من الزائر أن يسجل نفسه. علمت فاندا على الصفحة بعلامة القراءة؛ إذ كان ما رأته هنا يكفيها في الوقت الحالي. حملت الزر الأحمر ووضعته قبالة الشاشة. كانت النقطة الحمراء التي تومض بالخط العريض تشبهه بدرجة جد كبيرة.
الفصل الخامس والعشرون
فلفل وبسكويت الحظ
أشرقت الشمس صبيحة الأحد على أسطح المنازل المنثور فوقها الصقيع مثل مسحوق أبيض كثيف. كانت السماء شاحبة الزرقة واعدة بصباح خلاب. غادرت فاندا شقتها حين اقتربت الساعة من العاشرة. ركضت على الجسر المطل على مقهى روزينبارك المؤدي إلى ضفة نهر اللان وانحنت عند طريق الدراجات الذي يتجه نحو الجنوب مارا بمحطة القطار. بدا كل شيء مختلفا عما علق بذاكرتها. كانت قد ركضت هنا آخر مرة في الربيع قبل أن تستلم عملها بالمستشفى التعليمي، مرت ستة أشهر منذ ذلك الحين. كان عليها أن تفكر في مسارها الجديد القصير عبر الغابة التي حل عليها فصل الخريف. بدت الأشجار وكأن أحدهم كنس كل أوراقها، بينما تمطى النهر عن يمينها متخذا انحناءة كبيرة. ما زالت بعض قطع الملابس التي جرفها الفيضان عالقة بالأغصان السفلية للأشجار، في حين أبعد نباح الكلاب بعض الإوز على صفحة الماء الشاحبة. قررت فاندا أن تمنح اليوم نفسها إجازة؛ وسيكون هذا هو اليوم الأول لها منذ عدة شهور. سيفيدها ذلك؛ فهي تقاوم منذ عدة شهور إحساسها الدائم بالإنهاك، لن تتمكن من مواصلة تلك المقاومة إلى الأبد. كان للآخرين أسرهم وأصدقاؤهم وهواياتهم، أما هي فلم يكن لديها سوى عملها.
كانت تنتظر مكالمة من ماري كامبل قرب الساعة الثانية. أعطتها فاندا رقمها الخاص ليتمكنا من الحديث في المنزل دون إزعاج. كانت ماري قد أرسلت لها الاستبيان الخاص ببيتر سنايدر بالبريد الإلكتروني، لكن فاندا أيضا لم تتذكر أحداثا خاصة وقعت في أثناء رحلة الحافلة إلى لوس ألاموس؛ كان الأمر قد وقع منذ مدة طويلة، بدلا من ذلك فإن مسألة الزر الأحمر لم تكن تفارق ذهنها، إلا أن شيئا ما منعها من أن تسجل نفسها على الصفحة الرئيسية لجماعة «والدن أربعة». صحيح أن وجه الجماعة يبدو مسالما، إلا أن العملية التي نفذوها في جيسن أيقظت حذرها ، وهي لم ترد بأية حال أن تدخل إلى دوائر مناهضة للدستور، وأرادت أولا أن تستعلم من مصادر أخرى. كان إحساسها ينبئها أن يوهانيس لا بد وأنه يعلم المزيد عن هذا الأمر. ما زالت تذكر جيدا شكل وجهه حين عرضت عليه الشارة الحمراء بعد المداهمة التي تعرضا لها في غرفة الكمبيوتر. كان يبدو لا مباليا على نحو غير عادي، كما أن الأمر الذي يثير ريبتها الآن، هو أنه لم يكن فضوليا على الإطلاق. كيف لم تواتها هذه الفكرة من قبل: أن يكون يوهانيس ناشطا متنكرا في مجال حماية البيئة؟ لكنه هو نفسه كان ضحية ذاك المجهول المشئوم. لماذا تفكر دائما أنه لا بد أن يكون ذاك المجهول رجلا؟ رغم كل شيء عليها أن تجد طريقا لمواجهة يوهانيس. الأفضل هو مفاجأته أمام شهود بالمعلومات التي تعرفها حتى الآن.
Halaman tidak diketahui