50

Kesan Teratai

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

Genre-genre

كانا بالفعل في الطريق إلى مكتبها. «من أجل أطروحتي للدكتوراه.» «ومن الذي دلك علي أنا خاصة؟»

ابتسم أندرياس وقال: «خدمة سرية. بل لا، لا أذى في الأمر؛ فقد دخلت فقط على الصفحة الرئيسية لموقعكم الإلكتروني وبحثت فيه، ويبدو لي أنك أفضل من في التخصص.»

واحد آخر يريد أن يطويني تحت جناحه، كم كانت ملاحظته مثيرة للانتباه. «وفيم تعمل؟» «حدود وإمكانات تقنية النانو البدنية لتحسين الإنسان.» «أفففف، ومن يرعى هذا الموضوع؟» «إنه مجرد عنوان للعمل. أنا تخصصي هو الفلسفة. أريد أن أبحث في الرؤى البشرية العابرة، وفي رسم الحدود لجوهرنا الإنساني، وفي زوال الحدود بين الحقيقة والخيال في التفكير العلمي.» «لست أفهم شيئا في هذه الأمور.» دلفا إلى مكتبها، وأطلق كرسي الضيوف أزيزا منذرا بمجرد أن جلس عليه أندرياس. «إذن فقد حان الوقت كي تفكري في هذه المسائل، فأنت منغمسة فيها بالفعل، وقد قدم لك زميلك مختصرا للأمر منذ قليل. إن أردت أوضحت لك كل شيء.» شخص متقد الذكاء إذن، تماما كما حزرت. «وأنا التي خشيت أن أضطر إلى تعليمك شيئا.»

أجاب مبتسما: «هذا صحيح، ربما أستطيع في المقابل أن أظهر بعضا من علمي المتواضع.» كان قد دس ساقا من ساقيه الطويلتين تحت الكرسي، أما الساق الأخرى فتركها ملتوية على الجانب بشكل غريب. لم يكلف نفسه مشقة أن يعدل الكرسي إلى وضع مريح له. كان يجلس هناك وكأنه واحد من عناكب البحر العملاقة، تلك الحيوانات السلطعونية طويلة السيقان التي كانت قد اندهشت من شكلها حين رأتها عندما كانت طالبة في صناديق العرض بمتحف زينكينبيرج. كتمت فاندا ضحكتها. ولم لا؟ فكرت وقد أمتعتها الفكرة. رئيس عمل يستغلني، زميل ليس له إلا نوايا متخيلة، كمبيوتر يسدي لي النصح، والآن فيلسوف. أهدته ابتسامة مشجعة. مرحبا بك في فريق الأحلام.

الفصل التاسع عشر

تأثير اللوتس

عملت فاندا طيلة عطلة نهاية الأسبوع على تجهيز المحاضرة التي سيلقيها شتورم. بدوره اتصل هو بها صباح يوم الاثنين نحو الساعة الثامنة والنصف كي يخبرها أن عليها تسليم العمل كله في السكرتارية؛ إذ لم يعد لديه مزيد من الوقت ليقابلها قبل رحلته إلى بوسطن في الظهيرة. ورغم هذا عليها ألا تغلق وسائل الاتصال بها تحسبا أن لو كان لديه أسئلة أخرى. كانت قد عقدت عزمها على أن تسأله عن حيوانات التجارب. أرادت أن تقوم بهذا الأمر بشكل لا يثير الشك، فقط كي ترى رد فعله، ولكنه لم يعطها فرصة لذلك. قامت فاندا بتحميل المحاضرة على سي دي وسلمته للسيدة بونتي. عليها أن تعثر على طريقة أخرى لمواجهة شتورم.

وقفت مساء يوم الاثنين مترددة أمام مرآة الدولاب الكبيرة في حجرة نومها. هذا كله فقط لحضور سلسلة من المحاضرات كانت قد اتفقت مع أندرياس أن يحضراها معا. في الأحوال العادية تختار ملابسها وفقا لمعايير عملية، كلها مناسبة لاحتياجات حياتها في المعمل، تغلب عليها الألوان الداكنة لتغسل دفعة واحدة، ناهيك عن قدرتها على مواءمة الاحتمالات المتنوعة التي يجلبها روتينها الوظيفي، وبهذا اقتصرت ثيابها على قطع يسهل العناية بها، هي غالبا بنطالات وقمصان قطنية يمكن المزاوجة بينها وتبديل أحدها بالآخر بلا مشاكل. ها هي الآن تبحث دون جدوى عن شيء آخر، لكن لماذا؟

كان من الواضح أن طالب الفلسفة المحب للشجار هذا أصغر منها، بل إنه حتى أصغر من أخيها الصغير، إلا أن شيئا ما جعلها اليوم تنظر لكومة ثيابها بعين ناقدة لتطلق عليها حكما بأنها «مملة». وقعت بين يديها البلوزة القديمة المصنوعة من الحرير الهندي، تبدو صيفية أكثر مما ينبغي؛ فكرت وهي لا تزال مترددة وحملتها أمام صدرها بطبعة الأزهار التي تزينها. اللون الأخضر الرقيق واللون الأحمر جعلا بشرتها الفاتحة تشرق قليلا، ربما سيتحتم عليها أن ترتدي شيئا يكسبها الدفء فوق هذه البلوزة.

دخلت فاندا إلى قاعة المحاضرات الكبرى من الباب السفلي ورأت أندرياس على الفور، كان يمد عنقه ويتطلع بنظره مرتبكا في كل الجوانب. استمتعت بتركه متخبطا هكذا. كانت قاعة المحاضرات الكبيرة أشبه بصندوق مربع، باردة وعملية، هواؤها ثقيل ومكتوم. في الخارج وقفت مجموعة من الطلاب تتناقش باحتدام. كانوا قد خضعوا توا لامتحان، بينما لم يعمل جهاز التكييف؛ مما شكل اختبارا لقوة التحمل عن أفضل نتيجة يمكن تحصيلها تحت وطأة نقص الأكسجين. توجهت فاندا نحو المنصة وظلت واقفة على منبر المحاضر، ثم التفتت بكل هدوء إلى القاعة . كانت تستمتع بهذه اللحظة مجددا مثل كل مرة؛ إذ كانت تلك اللحظة - لحظة دخولها أمام الجمهور - هي أفضل ما يمكن لأية محاضرة أن تمنحها إياه، إنها تلك الثواني القليلة في البداية التي لا يقول فيها أحد شيئا، لتهدأ هي فيها هدوءا تاما، ليظل كسر الصمت أمرا خاضعا لسطوتها، والصنعة في ذلك تقتضي تأخير إطلاق سهام الكلمات الأولى لأطول مدة ممكنة دون أن يشد قوس الصمت مدة أطول من اللازم. ارتسمت ابتسامة على شفتيها. •••

Halaman tidak diketahui