101

Kesan Teratai

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

Genre-genre

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة حين وقفت بالباب. كان المطر قد توقف إلا أن الهواء المحمل بالرذاذ البارد كان يضربها في وجهها مثل منديل مبتل. بعد مسيرة قصيرة على قدميها لاحظت أن الشارع الصغير آخذ في الارتفاع، ولأنها لم تستشعر رغبة في أن تتوه ثانية قررت أن تظل سائرة على الطريق، وفي حال ارتابت فستتخذ الطريق الدائر حول القصر الذي يهبط إلى قلب المدينة. رأت ظلا يسير تجاهها، فغيرت بسرعة طريقها وسارت في الطريق المقابل. ربما كان الأفضل أن أنحني مع شارع كلفين. ضغطت قابضة على «بخاخ الفلفل». لكن ما إن اقترب منها الرجل وأصبح على نفس ارتفاعها حتى تعرفت عليه. «ماذا تفعل هنا؟» سألت وهي تشعر بالارتياح، فجاء صوتها عاليا.

جفل أندرياس وبدا عليه الارتباك. «كنت أريد أن أرافقك للمنزل.»

لوهلة نظرت إليه دون أن تفهم.

قال لها: «تعالي. دعينا نتحدث.»

ثم سارا أحدهما إلى جوار الآخر، وقبل المنحنى الكبير الذي ينطلق من القصر ليهبط إلى جنوب المدينة وقفا لوقت قصير. كان الأسفلت يلمع تحت ضوء مصابيح الشارع مثل معدن أبيض. وفجأة، مزق صوت فرقعة الصمت مثل حيوان يصرخ فزعا. بدا الذعر زمانا خارج الزمان، والتجمد دهشة وسيلة حماية تلقائية، وفي كليهما رأت فاندا السبب في عدم مقدرتها على تذكر أوان انطلاق الطلقة التالية التي معها انكسر زجاج فوقهما، وعلى الفور ساد الظلام. شعرت فاندا بمن يمسك بكتفها ويسحبها إلى الأمام. كان أندرياس يجرها معه ليختبئا في شارع جانبي. مرت الطلقة الثالثة بجوارهما محدثة صفيرا حادا. هربا. لكن إلى أين؟ كانت المنطقة غريبة عليهما. ظلا يركضان في الظلمة حتى وصل أندرياس في وقت ما إلى درجات سلم فصعده، درجتان في المرة ممسكا فاندا بقوة فتتبعه. كانت تتمنى لو صرخت لكن الظلمة ابتلعت صوتها. اصطدما على غير هدى بغرفة ذات حوائط مظلمة فدخلا فيها. أندرياس وحده كان يركض بثقة نحو هدفه. مزيد من الدرجات الصاعدة. بدأ يقفز بعد عدة درجات إلا أن الأرض كانت زلقة تحت قدميها بفعل المطر. ليس ثمة ضوء، ولا حتى في السماء. في النهاية رأوا ضوءا كثيفا من بعيد، وراء جذوع الأشجار القوية الواقفة مثل فيلة تمشي على مهل. لا بد أنهم في حديقة القصر، ثمة مصباح يضيء المسرح الصيفي. وقف أندرياس فجأة بعد الدرجة التالية فاصطدمت فاندا به بقوة. كانت تلهث باحثة عن الهواء مستشعرة وخزا في كامل نصفها الأيسر. وقفا خلف جذع شجرة يراقبان المدخل المضيء لباحة القصر، حيث اصطفت عدة سيارات. خيم الصمت على كل شيء. لم تفهم فاندا سبب تردد أندرياس. لا بد أنهما تخلصا منه منذ زمن. ممن يا ترى؟ أمسكت فاندا بجنبها وحاولت أن تتنفس بعمق، لكن إن لم يكونا تخلصا ... عانت فاندا دوارا خفيفا. وماذا لو اتخذ طريقا مختصرة إلى حديقة القصر وسبقنا لينتظرنا في هذا المكان خاصة؟ ضغطت على يد أندرياس، لكنه لم يلتفت إليها. كان وجهه الشاحب مركزا على باحة القصر. بدا لها في تلك اللحظة قصيا إلى أبعد مدى. لا يتوقف الوخز في جنبها. اللعنة. إنه فخ. لماذا نحن هنا أصلا؟

همس دون أن يغيب المكان عن ناظريه: «ليس ببعيد.» كان البخار يخرج من فيه مع كل نفس يأخذه. ضغط على يدها ضغطة خفيفة ثم انطلق راكضا. كانت تتعثر وراءه إذ كان لا يزال محكما قبضته على قبضتها، ولم يفلتها رغم تمايلها وراءه بين العربات المصطفة. كان لا يزال ينحني لأسفل ويسحبها هي أيضا نحو الأسفل، ثم قفز ليسرعا نحو بوابة تمكنا من الانسلال عبرها في الظلمة. هذه المرة كانت الفرقعة من ورائهما، مرتين متتاليتين. واصل أندرياس سحبها إلى أسفل. تعثرت فوق الأسفلت الخشن ثم انزلقت على السلالم اللزجة التي واصلت الهبوط. سحبها ثانية عبر منحنى كبير زلق ثم واصل الركض. انسلت من يده. أنا أكره هذا. لا أريد الاستمرار! في تلك اللحظة فقط رأت مخروط الضوء الذي تساقطت أشعته على البوابة الحديدية، وبسرعة أدخل مفتاحا فانفتحت درفتا البوابة فدفعها للدخول في حفرة قاتمة.

الفصل السابع والثلاثون

في غياهب السجن

تعثرت فاندا واصطدمت بحافة صلبة فشعرت بألم في قصبة ساقها. سمعت صلصلة مفاتيح ونظرت في الضوء الذي يتحرك من درجة لأخرى إلى جوارها، يميل صاعدا ثم هابطا إلى أن استقر عند قدميها، عندئذ فقط أدركت أنهما واقفان عند بداية سلم حاد الميل.

همس أندرياس قائلا: «آسف، كان علي أن أحذرك، لكني لا أريد أن أزيد من درجة الإضاءة هنا. تكفي إضاءة مصباح الجيب.» نظرت فاندا إلى المصباح وقالت: «من أين لك به؟» «سأشرح لك فيما بعد.» أمسك أندرياس بيدها وحاول أن يصعد السلم. «هلمي، تعالي.» لكن فاندا ظلت واقفة. «أين نحن؟» «في مخبأ قصر لاندجراف.» ثم أضاء الدرجات التالية وقال: «تعالي هنا، أرجوك، فأنا أعرف هنا مكانا آمنا.»

Halaman tidak diketahui