وفي الصحيحين من حديث عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنَّه خشي أن يكون مسجدًا" (١) .
وأخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد، من حديث عبد الله بن مسعود ﵁: أنَّ رسول الله ﷺ قال: "إنَّ من شرار الناس مَن تُدْرِكُهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد" ٢.
وأخرج أحمد وأهل السنن من حديث زيد بن ثابت ﵁: أنَّه ﷺ قال: "لعن الله زائرات القبور والمتَّخذين عليها المساجد والسُّرُج" ٣.
١ صحيح البخاري (١٣٣٠) ومسلم (٥٢٩) .
٢ المسند (٣٨٤٤) .
٣ الحديث بهذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد (٢٠٣٠) وأبو داود (٣٢٣٦) والنسائي (٢٠٤٣) والترمذي (٣٢٠) عن ابن عباس، وليس عن زيد بن ثابت، وأخرجه ابن ماجه (١٥٧٥) عن ابن عباس، ولفظه: "لعن رسول الله ﷺ زوَّارات القبور"، وعند الجميع هو من رواية أبي صالح باذان عن ابن عباس، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: "ضعيف مدلس".
وقد اشتمل الحديث على ثلاث جُمل:
الأولى: لعن زائرات القبور، وفي لفظ ابن ماجه: "زوَّارات"، وهو بلفظ: "لعن الله زوَّارات القبور" عن أبي هريرة عند أحمد (٨٤٤٩) والترمذي (١٠٥٦) وابن ماجه (١٥٧٦)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، ولفظ "زوَّارات" فيه للنسبة لا للمبالغة، والمعنى: ذوات زيارة، نظير قوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾، أي: ليس بذي ظلم.
الثانية: لعن المتخذين المساجد على القبور، وقد تواترت بذلك الأحاديث، وقد ذكر المصنف جملة منها.
الثالثة: لعن المتَّخذين السُّرُج على القبور، وقد جاء من هذه الطريق الضعيفة عن ابن عباس، لكن يدلُّ لتحريم ذلك عموم قوله ﷺ: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد"، وقوله ﷺ: "وكلُّ بدعة ضلالة".