وأمهرتها عَنْهُ عشرين ألف درهم، فرضيت وقبلت النكاح؛ ودفع إِلَيْهَا البدرة، وفرق البدرة الأخرى عَلَى المشايخ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: اعذروا، وَهَذَا مَا حضر عَلَى الحال؛ فقبضوها ونهضوا. ثُمَّ قَالَ لي: يا سيدي! أمهد لَك بَعْض البيوت تنام مَعَ أهلك؛ فأحشمني، والله مَا رأيت من سعة صدره وكرم خيمه. فَقُلْتُ: بَل أحضر عمارية، وأحملها إِلَى منزلي؛ فَقَالَتْ: مَا شئت. فأحضرت عمارية، فحملتها، وصرت بِهَا إِلَى منزلي، فوحقك يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ لَقَدْ حمل إلي من الجهاز مَا ضاقت بِهِ بَعْض بيوتنا، فأولدتها هَذَا القائم عَلَى رأس سيدي أمِير الْمُؤْمِنيِنَ؛ فعجب الْمَأْمُون من كرم ذَلِكَ الرجل، وسعة صدره، وقال: الطفيلي، وأجاز بجائزة سنية، وأمر إِبْرَاهِيم بإحضار الرجل، فكان من خواص الْمَأْمُون وأهل محبته.
٩٤- أَخْبَرَنَا علي ابن أَبِي عَلِي البصري، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَبُو الفرج عَلِي بْن الْحُسَيْن المعروف بالأصبهاني إملاء من حفظه، وكتبته عَنْهُ فِي أصول سماعاتي منه، وَلَمْ يحضرني كتابي فأنقله منه، فأثبته من حفظي، وتوخيت ألفاظه بجهدي؛ أخبرني مُحَمَّد بن فريد ابن أَبِي الأزهر، أَخْبَرَنَا حماد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الموصلي، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غدوت يومًا وأنا ضجر من ملازمة دار الخلافة والخدمة فِيهَا، فخرجت، وركبت بكرة، وعزمت عَلَى أَن أطوف الصحراء
1 / 94