Perkembangan Psikologi Bangsa
السنن النفسية لتطور الأمم
Genre-genre
ونحن، لكي نثبت ذلك، ولكي نبين في الوقت نفسه كيف يتم تطور الأمم البطيء، نرى أن ندرس عناصر كل حضارة لدى مختلف الأمم؛ أي أن نجدد تاريخ هذه الأمم، وقد حاولت هذا العمل الشاق في عدة مجلدات، فلا أفكر في العودة إليه هنا، وإنني حينما أغضي عن العناصر الكثيرة التي تتألف منها إحدى الحضارات أختار أحدها مثالا؛ أي أختار الفنون.
وقبل أن أبدأ في فصل خاص بدراسة التطور الذي يعتور الفنون عند انتقالها من أمة إلى أخرى أقول بضع كلمات عن التحولات التي يعانيها مختلف عناصر الحضارة؛ وذلك لأثبت أن السنن التي تطبق على عنصر من هذه العناصر تطبق على جميعها، وأن فنون الأمم إذا كانت ذات نسب بمزاج هذه الأمم النفسي فإن اللغات والنظم والمعتقدات وما إليها ذات نسب بهذا المزاج أيضا؛ أي إنها لا تتغير ولا تنتقل من أمة إلى أخرى من فورها.
1
وقد تظهر هذه النظرية غريبة في أمر المعتقدات الدينية على الخصوص، وفي تاريخ المعتقدات تجد أحسن الأمثلة لإثباتنا أنه يتعذر على الأمة أن تغير عناصر حضارتها فجأة كما يتعذر على الشخص أن يغير قامته أو لون عيونه.
أجل، لا رجل يجهل أن جميع الديانات العظيمة؛ كالبرهمية والبدهية والنصرانية والإسلام، أسفرت عن دخول الناس أفواجا فيما يلوح أنه اعتنقها من عروق بأسرها، ولكن المرء إذا ما أوغل قليلا في دراسة ذلك لم يلبث أن يبصر أن الذي غيرته الأمم على الخصوص هو اسم دينها القديم نفسه، وفي الحقيقة أن المعتقدات المنتحلة عانت من التحولات الضرورية ما تكون به ذات صلة بالمعتقدات القديمة التي حلت محلها والتي لم تكن غير إدامة لها.
وما تخضع له المعتقدات من تحول عند انتقالها من أمة إلى أخرى هو من الشدة في الغالب ما يكون به الدين المنتحل حديثا غير ذي نسب واضح بالمعتقد الذي احتفظ باسمه، ولنا أحسن مثال بالبدهية التي صارت دينا مشوها بعد انتقالها إلى الصين فإلى اليابان، والحق أن العلماء عدوا البدهية دينا مستقلا أول وهلة فلم يعترفوا، إلا بعد زمن طويل، بأنها دين حوله العرق الذي اعتنقه، والحق أن البدهية الصينية ليست بدهية الهند، وأن بدهية الهند نفسها تختلف عن بدهية نيپال، وأن بدهية نيپال تبتعد عن بدهية سيلان، ولم تكن البدهية في الهند سوى دين منفصل عن البرهمية التي ظهرت قبلها والتي لا تختلف عنها إلا قليلا، ولم تكن البدهية في الصين أيضا سوى دين منفصل عن المعتقدات السابقة التي تتصل بها اتصالا وثيقا.
وذلك المبدأ الثابت في أمر البدهية ثابت في أمر البرهمية أيضا، وبيان ذلك: أن عروق الهند إذا كانت شديدة الاختلاف فإن من السهل أن يفترض لها وجود معتقدات دينية شديدة الاختلاف مسماة بأسماء واحدة، وأن جميع الأمم البرهمية تعد وشنو وشيوا أهم آلهتها، كما تعد الويدا كتبها المقدسة، وأن هذين الإلهين الرئيسين لم يتركا في الديانة سوى اسميهما، وأن تلك الكتب المقدسة لم تترك سوى نصوصها، وأنك تجد بجانب ذلك ما لا يحصيه عد من العبادات التي تنم على أشد المعتقدات اختلافا؛ كالتوحيد والإشراك والوثنية ووحدة الوجود وعبادة الأجداد والعفاريت والحيوانات إلخ، وأنك إذا لم تحكم في أمر عبادات الهند بغير ما جاء في كتب الويدا لم يكن لديك أقل فكر عن الآلهة التي تسود شبه جزيرة الهند الواسعة وعن معتقداتها. نعم، إن جميع البراهمة يقدسون عنوان الكتب المقدسة، بيد أنه لم يبق على العموم شيء من الديانة التي تقول بها هذه الكتب.
وعلى ما في التوحيد الإسلامي من بساطة لم يشذ الإسلام عن هذه السنة، فترى فرقا بعيدا بين الإسلام في بلاد الفرس، وبينه في جزيرة العرب، وبينه في الهند، وقد وجدت بلاد الإشراك، الهند، وسيلة في جعلها أكثر المعتقدات توحيدا معتقد إشراك، فعاد محمد وأولياء الإسلام يكونون آلهة جديدة مضافة إلى ألف إله آخرين؛ حتى إن الإسلام في الهند لم يوفق للمساواة بين جميع الناس مع أن المساواة كانت من أسباب فوزه في أماكن أخرى، فترى المسلمين في الهند يطبقون نظام الطبقات كما يصنع الهندوس، وقد بلغ الإسلام بين الدراويد في الدكن من التشويه درجة لا يمكن تمييزه بها من البرهمية مطلقا، وهو لا يميز منها بغير اسم محمد والمسجد الذي يعبد فيه هذا النبي بعد أن أله.
ولا ضرورة إلى الذهاب حتى بلاد الهند لاستجلاء التحولات العميقة التي عاناها الإسلام بانتقاله من عرق إلى عرق، ولننظر فقط إلى الجزائر التي هي ممتلكتنا الكبيرة لنبصر فيها عرقين شديدي الاختلاف، لنبصر فيها العرب والبربر الذين هم مسلمون أيضا؛ لنبصر فيها أن الإسلام بين أولئك غيره بين هؤلاء؛ لنبصر فيها أن مبدأ تعدد الزوجات في القرآن تحول إلى مبدأ الاقتصار على زوجة واحدة لدى البربر، وليس الدين عند البربر غير مزيج من الإسلام والوثنية القديمة التي زاولوها منذ العصور البعيدة حين كان السلطان لقرطاجة.
ولم تتفلت ديانات أوربة نفسها من السنة العامة القائلة بتحول الأديان وفق روح العروق التي تعتنقها، وكما في الهند ترى في أوربة أن حرفية العقائد التي أثبتتها النصوص قد ظلت ثابتة، غير أن هذه النصوص صيغ لاغية يفسرها كل عرق على شاكلته. وفي أوربة ترى اسم النصارى الواحد يشتمل على وثنيين حقيقيين؛ كابن بريتانية الدنيا الذي يعبد الأصنام، وكالإسپاني الذي يعبد التمائم، وترى ذلك الاسم يشتمل على مشركين؛ كالإيطالي الذي يقدس صور العذراء في كل قرية كما يقدس مختلف الآلهة. ونحن إذا ما أوغلنا في البحث سهل علينا أن نثبت أن الانفصال العظيم الذي أسفرت عنه ثورة الإصلاح الديني كان نتيجة لازمة لتفسير كتاب ديني واحد من قبل عروق مختلفة، فكانت شعوب الشمال تهدف إلى المحاجة في عقائدها وتنظيم شؤون حياتها بنفسها، وكانت شعوب الجنوب تميل إلى البقاء متأخرة من ناحية الحرية والروح الفلسفية ، فلا مثال أدعى إلى الإقناع من ذلك.
Halaman tidak diketahui