الفصل الحادى والأربعون فى كى عرق النسا الفصل الحادى والأربعون فى كى عرق النسا اذا حدث وجع فى حق الورك وكان سبب ذلك برد ورطوبات وعالجت العليل بما ذكرنا فى التقسيم ولم ينجع العلاج وأزمن ذلك فينبغى أن يسهل العليل من الأخلاط الغليظة بحب المنتن او حب الصبارى ونحوه ثم اكوه ووجه الكى فيه على ضربين إما كى بالأدوية المحرقة وإما كى بالنار والكى بالنار يكون على وجوه كثيرة أحدها أن تكوى على حق الورك نفسه ثلاث كيات مثلثة على هذه الصورة: وتصير لها عمقا صالحا ويكون بعد ما بين كل كية وكية على قدر غلظ الأصبع وتكون المكواة زيتونية وقد يكوى كية فى الوسط على رأس الورك نفسه فتكون اربع كيات وإن شئت فاكوه بالدائرة التى تقدم ذكرها فى كى تخلع الورك كية واحدة لتكون الدائرة تحيط بجميع الورك وتحرق ثخن الجلد كله، هذه صفة الكى فى عرق النسا اذا كان الوجع لازما للورك نفسه ولم يكن يمتد الى الفخذ والساق فإن امتد الى الفخذ والساق فاكوه كيتين على الفخذ على الموضع الذى يشير عليك العليل بالوجع فيه وكية فوق العرقوب بأربع أصابع الى الجهة الوحشية قليلا وتكون المكواة سكينية ويكون عمق الكية على قدر ثخن الجلد فقط، وإن أشار الى أن الوجع يمتد الى نحو اصابع الرجل فاكوه حيث أشار عليك بمكواة النقطة ثلاثا او اربعا او أكثر إن احتاج الى ذلك، وإن أشار بالوجع تحت الركبة نحو الساق فاكوه هناك كية واحدة سكينية وتحفظ فى جميع كيك من أن تبلغ بالكى الى أن تحرق عصبا او شريانا عظيما فتحدث بذلك على العليل آفة رديئة او زمانة، وقد شاهدت واحدا وثانيا ممن كوى فوق العرقوب وبولغ فى الكى فتزكم الساق حتى بلغ الزكام القدم وتثقب كله وفسد جميع الرجل ثم حدث الاسهال والموت بعد ذلك، فإن كان الوجع فى الجهتين جميعا كويتهما على هذه الصفة بعينها، وقد ذكر بعض العلماء من الحكماء فى كى الورك كيا هذه صفته يصنع شبه القدح من حديد ويكون قطره نصف شبر ويكون عند فمه على غلظ نواة التمر او اقل قليلا وفى داخل ذلك القدح قدح آخر وقدح ثالث ويكون بعد ما بين كل قدحين بقدر عقد الإبهام ويكون الأقداح مفتوحة من الجهتين ويكون ارتفاعها نحو عقد او عقدين وتتخذ لها مقبضا من حديد قد أحكم فى الأقداح وهذه صورته: ثم تحمى فى النار حتى تحمر وترمى الشرر ثم توضع على حق الورك والعليل متكئ على الجانب الصحيح فتكويه ثلاث كيات مستديرة فى مرة واحدة ثم تتركه ثلاثة أيام وتضمده بالسمن وتترك الجرح مفتوحا أياما كثيرة ثم تعالجه بالمرهم حتى يبرأ، قال واضع هذا الكتاب هذا النوع من الكى قلما استعملناه لشناعته وهول منظره ولقلة من نجد ممن يصبر عليه الا أنه من جيد الكى لمن صبر عليه وأصيب به موضعه، وأما الكى بالأدوية المحرقة فهو أن تصنع قدحين شبه الحلق التى ينزل فيها رتاج الباب من نحاس او من حديد يكون فى حاشيتهما ارتفاع قدر عقدين او نحوهما ويكون بعد ما بينهما قدر غلظ الأصبع وتكون مفتوحة الأسفل مفتوحة الأعلى ويكون قد مسكت بعضها ببعض على هذه الصورة: ثم تنزلها على حق الورك والعليل مضطجع على جنبه الصحيح وتزم يدك نعما ثم تصب بين الدائرتين من الماء الحاد وهو مدفأ بالنارقليلا وتمسكه قدر ساعة رملية ويصبر العليل على لذعه وحرقته فإنه يجد لذعا كالنار حتى يهدأ اللذع ثم ترفع يدك بالآلة وتمسح الماء الحاد عن الورك كله بالماء العذب ثم تتركه ثلاثة أيام وتحمل عليه السمن حتى يذهب سواد الحرق وتتركه أياما يجرى منه القيح فإنه أبلغ فى النفع ثم تعالجه بالمراهم حتى يبرأ، فإن امتد الوجع الى الفخذ او الساق صنعت له قالبا فيما يمسك الماء على حسب ما صنعت بالورك سواء، وهذه صفة الماء الحاد وقد أثبته فى مقالة إصلاح الأدوية، تأخذ من ملح القلى ومن الجير غير مطفأ من كل واحد جزءا فتسحقهما وتضعهما فى قدر جديدة قد ثقبت أسفلها ثقبة واحدة صغيرة على قدر ما يدخلها المرود وتضع تحت قاع القدر قدرا أخرى مزججة وتلقى على القلى والجير من الماء العذب ما يغمرهما بأصبع بعد أن تزمهما بيدك زما جيدا وتترك القدر حتى ينزل الماء الحاد فى أسفل القدر المزحجة ثم تجمع ذلك الماء كله ثم تلقيه على جير آخر وقلى آخر مجددين ايضا فإنه يكون حينئذ قوى الحدة جدا يتصرف فى كثير من أعمال الطب وفى كى سائر الأعضاء لأنه يفعل فعل النار بعينها، ومن الأدوية ما يكوى بها الورك أيضا مثل الثافسيا وعسل البلاذر والجير مع الصابون ممروخين، وزعم جالينوس حكاية عن رجل من القدماء علاجا لوجع الورك وعرق النسا وعظم أمره جدا وزعم أنه لا يحتاج الى غيره من العلاج وأنه يبرئ من مرة واحدة حتى أنه ربما أدخل الحمام محمولا وخرج منه قد برئ وهو أن يوخذ من الشيطرج الأخضر فإن لم يوجد الأخضر فيؤخذ اليابس الحديث فينعم دقه مع شىء من شحم ويوضع على الورك حيث الوجع او فى الساق او فى الفخذ وتشد وتترك قدر ثلاث ساعات او بقدر ما يحس العليل بسكون الحرقة ثم أدخله الحمام فإذا ندى بدنه فأدخله الحوض فإن الوجع يذهب ويبرأ بإذن الله، فإن لم يبرأ فأعد عليه الضماد بعد عشرة أيام مرة أخرى فإنه يبرأ إن شاء الله، واعلم أنه لا ينبغى أن يستعمل أحد الكى بهذه الأدوية الا بعد استفراغ البدن، وقد ذكر دياسقوريدس أن بعر الماعز اذا كوى به عرق النسا نفع منه ويكون الكى على هذه الصفة، يؤخذ صوف فيشرب فى الزيت العتيق ويوضع على المكان العميق الذى فيما بين الإبهام من اليد وبين الزند وهو الى الزند أقرب ثم خذ بعرة ماعز جافة فألهبها بالنار حتى تصير جمرة ثم ضعها على الصوف واتركها حتى تطفأ ثم خذ غيرها فلا تزال تفعل ذلك الى أن يصل الحس بتوسط العضد الى الورك ويسكن الوجع بإذن الله وهذا الضرب من الكى يسمى الكى البعرى،
Halaman 125