104

Tasis Taqdis

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

Penyiasat

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

Penerbit

مؤسسة الرسالة

Nombor Edisi

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

Tahun Penerbitan

٢٠٠١م

﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف:٨٦] . بناءا على أحد قولي المفسرين: أن الاستثناء في الآيتين متصل.
فإطلاق القول بأن الله ملك المؤمنين الشفاعة خطأ، بل الشفاعة كلها لله وحده ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر:٤٤] . وأثبت سبحانه الشفاعة بإذنه، وأخبر النبي ﷺ أن الأنبياء يشفعون والصالحون يشفعون، وعلى هذا فمن أذن الله له في الشفاعة يصح أن يقال أنه ملك ما أذن له فيه فقط، لا ما لم يؤذن له فيه، فهو تمليك معلق على الإذن والرضا، لا تمليك مطلق كما يزعمه هذا الضال، وسيد الشفعاء صلوات الله وسلامه عليه لا يشفع حتى يقال له إرفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع، قال الله سبحانه لأكرم الخلق عليه ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة:١١٣] لما قال ﷺ في حق عمه: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"١ وقا ل في حق المنافقين ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة:٨٠] .
وقوله: إن مراد المنادي له ﷺ والمتوسل به إنما هو بالشفاعة.
فقد تقدم جواب ذلك، وهو أن هذا مراد المشركين مما قصدوه، كما أخبر الله عنهم بذلك كقوله عنهم ﴿هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس:١٨] ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر:٣] .لم يقولوا أن أحدا من الملائكة أو المسيح أو عزيرا أو الجن يستقلون بقضاء حوائجهم، وإنما يقولون إنهم يشفعون لنا عند الله في قضاء حوائجنا.
وقوله: إن الصحابة كانوا يطلبون منه ﷺ ولم ينكر عليهم، ولم يقل أنتم أشركتم لأنكم طلبتم مني قبل الإذن - قال - فدل على أن ذلك جائز في حياته وبعد موته لأنه حي في قبره بالإتفاق - قال - وما جاز أن يطلب منه في حياته

١ تقدم تخريجه ص ٧٣.

1 / 115