Pengasasan Metafizik Akhlak
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Genre-genre
18
تلك تمثل الضرورة العملية لفعل ممكن بوصفه وسيلة لبلوغ شيء آخر يريده الإنسان (أو من الممكن أن يريده). والأمر المطلق هو الذي يعبر عن فعل مطلوب لأجل ذاته، لا تربطه صلة بهدف آخر، وضروري ضرورة موضوعية.
لما كان كل قانون عملي يصور فعلا ممكنا بوصفه خيرا وبالتالي ضروريا بالنسبة لذات يمكن أن تحدد بالعقل تحديدا عمليا؛ فإن جميع الأوامر الأخلاقية المطلقة صيغ شكلية يتم بها تحديد الفعل الذي يكون فعلا ضروريا بمقتضى مبدأ إرادة خيرة على نحو من الأنحاء. فإذا كان الفعل خيرا لمجرد أنه وسيلة لتحقيق «شيء آخر»، فإن الأمر المطلق يكون عندئذ أمرا شرطيا أما إذا تصورنا بوصفه خيرا «في ذاته»، وبالتالي ضروريا في إرادة تكون في ذاتها مطابقة للعقل، كمبدأ لتلك الإرادة، فإنه يكون عندئذ أمرا مطلقا.
الأمر المطلق إذن يبين لي ما هو الفعلي الخير الذي يمكنني القيام به، كما يصور لي القاعدة العملية المتعلقة بإرادة لا تبادر بالإقدام على فعل لأنه خير، إما لأن الذات لا تعرف دائما أنه خير، وإما لأن المسلمات التي تعتقد فيها، حتى لو كانت تعرف أنه فعل خير، قد تتعارض مع المبادئ الموضوعية لعقل عملي.
وعلى ذلك فإن الأمر الشرطي إنما يعبر فحسب عن أن الفعل يكون خيرا بالقياس إلى مقصد ممكن أو واقعي. فهو في الحالة الأولى مبدأ «احتمالي» عملي، وهو في الحالة الثانية مبدأ «تقريري» عملي. والأمر المطلق الذي يعلن أن الفعل في ذاته يكون ضروريا ضرورة موضوعية إذا كان غير مرتبط بأي مقصد؛ أي إذا كان مجردا عن كل هدف آخر، يصلح لأن يكون مبدأ ضروريا عمليا.
19
في وسع الإنسان أن يتصور أن كل ما لا يمكن تحقيقه إلا بفضل تدخل قوى كائن عاقل فحسب يمكن في الوقت نفسه أن يكون مقصد إرادة ما، ولهذا كانت مبادئ الفعل، من حيث إنه يعد ضروريا للوصول عن طريقه إلى هدف من الأهداف يمكن تحقيقه عن هذا السبيل، لا حصر لها في واقع الأمر. كل العلوم تشتمل على جزء عملي يتكون من مسائل تفترض أن هدفا من الأهداف ممكن التحقيق، ومن أوامر أخلاقية تدلنا على كيفية الوصول إلى هذا الهدف. هذه الأوامر يمكن أن تسمى بوجه عام أوامر «البراعة». أما السؤال عما إذا كان الهدف معقولا وخيرا فهو أمر لا يهمنا هنا في شيء ... وإنما المهم عندنا الآن هو ما ينبغي علينا أن نصنعه لنصل إلى هذا الهدف؛ فالتعليمات التي ينبغي على الطبيب أن يتبعها لكي يشفي مريضه شفاء تاما، والتعليمات التي يجب أن يلتزم بها مازج السموم لكي يميت ميتة مؤكدة كلتاهما من هذه الناحية متساويتان في القيمة، طالما كانت تعاليم كل منهما تؤدي إلى تحقيق هدفه على الوجه التام. وإذا كنا ونحن في شبابنا الباكر لا ندري أي الأهداف ستعترض طريق حياتنا، وجدنا الآباء حريصين على تلقين أبنائهم «ألوانا متعددة» من المعارف، حرصهم على تعليمهم «الحذق والمهارة» في استخدام الوسائل المؤدية إلى تحقيق الأهداف التي قد يحلو لهم أن يسعوا إليها، دون أن يكون في مقدورهم أن يقرروا إن كان أولادهم سيتخذونه حقا هدفا لهم في مستقبل حياتهم، في حين أن «من الممكن» أن يصبح الهدف الذي يسعون إلى تحقيقه في يوم من الأيام، ويبلغ حرص الآباء مبلغه بحيث نجدهم يهملون عادة تكوين أحكامهم عن قيمة الأشياء التي يجوز لهم أن يجعلوهم هدفا لهم في مستقبل حياتهم كما نجدهم يهملون تصحيح هذه الأحكام .
هنالك بالمثل «هدف» نستطيع أن نفترض وجوده وجودا واقعيا عند جميع الكائنات الحية العاقلة (بقدر ما تنطبق الأوامر الأخلاقية عليها؛ أعني بوصفها مخلوقات تعتمد على غيرها)، وبالتالي بقصد لا يتوافر لديهم من ناحية الإمكان فحسب، بل نستطيع أن نسلم تسليما مؤكدا بأنه يتوافر لديهم جميعا بمقتضى ضرورة طبيعية، ونعني به مقصدهم إلى تحقيق السعادة. إن الأمر الأخلاقي الشرطي، الذي يمثل الضرورة العملية للفعل بوصفها وسيلة لبلوغ «السعادة»، هو أمر «توكيدي». ولا يجوز أن نصوره كما لو كان مجرد أمر ضروري لا غنى لتحقيق مقصد غير مؤكد وممكن فحسب، بل ينبغي أن نعبر عن ضرورته لتحقيق مقصد يستطيع المرء أن يفترض وجوده على نحو يقيني وقبلي عند كل إنسان؛ لأنه جزء من كيانه وطبيعته. وإذن ففي استطاعتنا أن نطلق على البراعة في اختيار الوسائل المؤدية إلى القدر الأعظم من رفاهية الإنسان اسم «الفطنة»
20 ⋆
بمفهومها الضيق. وهكذا يكون الأمر الأخلاقي المتعلق باختيار الوسائل المؤدية إلى تحقيق سعادتنا الشخصية، ونعني به التعاليم التي توصي بها الفطنة، أمرا شرطيا على الدوام، وعندئذ لا يؤمر بالفعل أمرا مطلقا، بل بوصفه وسيلة لتحقيق مقصد آخر فحسب.
Halaman tidak diketahui