Pengasasan Metafizik Akhlak
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Genre-genre
وعلى العكس من ذلك، فإن محافظة الإنسان على حياته واجب، وهي بالإضافة إلى هذا أمر يشعر كل واحد منا نحوه بميل مباشر. بيد أن الحرص القلق الذي يخالج معظم الناس على حياتهم لا ينطوي على قيمة ذاتية، والمسلمة التي يقوم عليها لا تحتوي على أي مضمون أخلاقي. إنهم يحافظون حقا على حياتهم «بما يتفق مع الواجب»، ولكنهم لا يفعلون ذلك عن شعور «بالواجب». وعلى العكس من ذلك حين تسلب المنغصات والسخط اليائس كل طعم للحياة، وحين يحس التعيس ذو النفس القوية بالغضب على القدر الذي قسم له أكثر من إحساسه بالهزيمة أو الهوان، فيتمنى لنفسه الموت ويحافظ مع ذلك على الحياة دون أن يحبها، لا عن ميل أو جزع، عندئذ تكون مسلمته ذات مضمون أخلاقي.
الإحسان، حيثما استطاع الإنسان، واجب، وهنالك بعض النفوس التي بلغ بها العطف مبلغا يجعلها تجد المتعة الباطنة في إشاعة السرور حولها واللذة في رضا الغير، طالما كان فعلا من أفعالها، دون أن يدفعها إلى ذلك دافع من غرور أو أثرة. غير أنني أزعم أن مثل هذا الفعل، مع مطابقته للواجب واستحقاقه للثناء، لا ينطوي على قيمة أخلاقية حقيقية، بل يرافق ميولا أخرى ويلازمها، مثال ذلك الميل إلى الشرف الذي إذا أسعده الحظ فصادف ما يتفق في الواقع مع المصلحة العامة ومع الواجب ومع ما يكون بالتالي مجلبة للشرف، فقد استحق الثناء والتشجيع وإن لم يستحق الاحترام والتقدير؛ ذلك أن المسلمة ينقصها المضمون الأخلاقي؛ أعني أن تؤدى هذه الأفعال لا عن ميل بل عن شعور «بالواجب». فإذا فرضنا أن وجدان صديق بني الإنسان هذا لفعته سحب الهموم الذاتية التي تقضي على كل مشاركة وجدانية في أقدار الآخرين، وأنه لا يزال قادرا على تقديم الخير لغيره من المعذبين، وأنه قد شغل بشقائه الشخصي فلم يعد شقاء الآخرين يحرك فيه جارحة، وأنه على هذه الحال التي لا يؤثر عليه فيها ميل يستطيع أن ينزع نفسه من هذا الجمود المميت وأن يؤدي الفعل عن شعور بالواجب فحسب، مجردا عن كل ميل، عندئذ فقط تكون لهذا الفعل قيمته الأخلاقية الأصيلة، بل إنني أزيد على هذا فأقول لو أن الطبيعة وضعت في قلب هذا الإنسان أو ذاك قليلا من المشاركة الوجدانية، ولو كان (وهو الإنسان الأمين) بارد المزاج عديم الاكتراث لآلام غيره من الناس، ربما لأنه هو نفسه قد رزق من الصبر والعزم والثبات ما يواجه به آلامه وما يجعله يفترض وجودها عند غيره من الناس أو على مطالبته بأن يكون لديه مثلها؛ أقول إذا شاءت الطبيعة ألا تجعل مثل هذا الإنسان (الذي لن يكون أسوأ إنتاجها) صديقا محبا للبشر، فهل يعدم مثل هذا الإنسان أن يجد في نفسه المصدر الذي يجعله يعطي نفسه قيمة أعلى بكثير من القيمة التي يمكن أن تكون لمزاج خير بطبيعته؟ بلى! إن القيمة التي نخلعها على الشخصية (الطبع)، وهي القيمة الأخلاقية التي لا يضارعها في سموها قيمة أخرى، تظهر على وجه الخصوص في هذا المجال؛ أعني أن يحسن الإنسان لا عن ميل بل عن شعور بالواجب.
إن تأمين الإنسان لسعادته الذاتية واجب (على الأقل بطريق غير مباشر)؛ ذلك لأن عدم رضا المرء عن حاله، وتزاحم الهموم العديدة عليه، ومعيشته وسط حاجات لم يتم إشباعها قد تكون إغراء قويا له على أن يدوس على واجباته، ولكننا حتى لو صرفنا النظر في هذا المقام عن فكرة الواجب، فسنجد أن الناس جميعا يتملكهم نزوع باطن بالغ القوة نحو السعادة؛ ذلك لأن جميع النزعات تتحد في هذه الفكرة بالذات [أي فكرة السعادة] وحدة كلية. غير أن القاعدة التي توصي بالسعادة تكون في أغلب الأحيان بحيث تلحق ضررا كبيرا ببعض الميول، وبحيث لا يستطيع الإنسان أن يكون لنفسه تصورا محددا ومؤكدا عن المجموع الذي يتألف من إشباع هذه الميول، وهو ما يطلق عليه اسم السعادة؛ ولهذا فليس من العجيب في شيء أن نجد ميلا فريدا محددا بالإضافة إل ما يعد به والوقت الذي ينتظر أن يتم إشباعه فيه، يقع تحت سيطرة فكرة مذبذبة، وأن نجد امرءا ذواقة على سبيل المثال، يقبل بمحض اختياره على الاستمتاع بطعام يستطعمه كما يختار الألم الذي سيترتب عليه من ورائه؛ لأنه في حسابه هنا على الأقل لم يشأ أن يضيع على نفسه متعة اللحظة الراهنة انتظارا لأمل ربما يكون خاطئا عن السعادة التي تكمن في الصحة، ولكن إذا كان الميل العام للسعادة في هذه الحالة أيضا لم يحدد إرادته إذا كانت الصحة لم تبلغ من الأهمية في اعتباره مبلغا يجعله بداخلها بالضرورة في حسابه، فسيبقى في هذه الحالة، كما في كل حالة سواها، قانون يأمره بالعمل على تحصيل سعادته، لا عن ميل، بل عن إحساس بالواجب، وها هنا فحسب تكون لمسلكه قيمة أخلاقية حقة.
بهذا المعنى ينبغي علينا بلا نزاع أن نفهم مواضع الكتاب المقدس التي وصى الإنسان فيها بمحبة جاره، حتى لو كان هذا الجار عدوا لنا؛ ذلك لأن الحب بوصفه ميلا لا يمكن أن يوصى به، أما الإحساس عن إحساس بالواجب المحض، حين لا يكون ثمة ميل على الإطلاق يدفعنا إلى الإقدام عليه، لا بل حين يصدنا عنه نفور طبيعي غلاب، إنما هو حب عملي لا حب انفعالي باثولوجي
8
يقوم على الإرادة لا على نوازع الحساسية، ويستند على مبادئ السلوك لا على مشاركة عاطفية مفرطة، ذلك الحب وحده هو الذي يمكن أن يوصى به.
9
القضية الثانية تقول: الفعل الذي يتم عن إحساس بالواجب لا يستمد قيمته الأخلاقية من «الهدف» الذي يرجى بلوغه من ورائه، بل من المسلمة التي تقرر القيام به وفقا لها، فهي إذن لا تتوقف على واقعية موضوع الفعل، بل تعتمد فحسب على مبدأ الإرادة الذي حدث الفعل بمقتضاه، بصرف النظر عن كل موضوعات الاشتهاء. ويتضح مما تقدم أن الأهداف التي يمكن أن تكون لدينا عند القيام بأفعالنا والآثار التي تنجم عنها، بوصفها غايات ودوافع محركة للإرادة ، لا تستطيع أن تعطي هذه الأفعال أية قيمة مطلقة أو قيمة أخلاقية. أين يمكن إذن أن توجد هذه القيمة، إن لم توجد في الإرادة من حيث علاقتها بالأثر المرجو من وراء تلك الأفعال؟ إن هذه القيمة لا يمكن أن توجد إلا في مبدأ الإرادة بغض النظر عن الغايات التي قد تتحقق عن طريق مثل ذلك الفعل؛ ذلك لأن الإرادة تقع موقعا وسطا بين مبدئها القبلي، وهو شكلي، وبين البواعث البعدية الدافعة إليه، وهي مادية، وكأنها تقع على مفرق الطرق، ولما كان من اللازم أن تتحدد عن طريق شيء ما، فلا بد لها أن تحدد عن طريق المبدأ الشكلي للإرادة بوجه عام، حينما يحدث فعل عن واجب؛ إذ يكون قد نزع عنه كل مبدأ مادي.
أما القضية الثالثة، وهي بمثابة النتيجة المترتبة على القضيتين السالفتين، فأستطيع أن أعبر عنها على النحو التالي: «الواجب هو ضرورة القيام بفعل عن احترام للقانون». حقا إنني قد أجد لدي ميلا للموضوع، بوصفه أثرا من آثار الفعل الذي أنوي الإقدام عليه، ولكنني لن أحمل له احتراما، والسبب في ذلك أنه مجرد أثر للإرادة وليس نشاطا فعالا تقوم به. وبالمثل لا أستطيع أن أحمل للميل بوجه عام، سواء أكان صادرا عني أم عن غيري، أي احترام، وقصارى جهدي أن أحبذه في الحالة الأولى، بل قد أحبه في الحالة الثانية، أعني أنني قد أعده مما يعزز مصلحتي الخاصة. إن ما يرتبط بإرادتي كمبدأ لها فحسب، لا كأثر من آثارها أبدا، لا يخدم ميلي بل يسيطر عليه، أو يستبعد على الأقل من حسابها (أي الإرادة) عند الاختيار. وإذن فالقانون المجرد في ذاته هو وحده الذي يمكن أن يكون موضوعا للاحترام، وبالتالي أمرا أخلاقيا. فإذا كان على فعل من الأفعال تم بباعث من الواجب أن يستبعد كل أثر للعميل ومعه كل موضوع من موضوعات الإرادة فسوف لا يبقى شيء مما يمكن أن يحدد الإرادة إلا أن يكون من الناحية الموضوعية هو «القانون»، ومن الناحية الذاتية الاحترام الخالص لهذا القانون العملي ، وبالتالي لن يبقى إلا المسلمة
10 ⋆
Halaman tidak diketahui