الحَنَفِيَّةُ، وحَكَوْهُ عن أبي حَنِيفَةَ نَصًّا، وهو المنصورُ؛ لِقُوَّتِهِ مِن حيثُ الفِطْرَةُ وآياتُ القرآنِ المجيدِ وسلامتُهُ مِن الوَهَنِ والتناقُضِ، فههنا أمرانِ:
أحدُهما: إدراكُ العقلِ حُسْنَ الأشياءِ وقُبْحَها.
والثاني: أنَّ ذلك كافٍ في الثوابِ والعقابِ، وإنْ لم يَرِدْ شَرْعٌ، ولا تَلاَزُمَ بينَ الأمريْنِ؛ بدليلِ قولِهِ تعالَى: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ﴾؛ أي: بِقَبِيحِ فِعْلِهِم، ﴿وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾؛ أي: لم تَاتِهِم الرسُلُ والشرائِعُ، ومِثْلُه: ﴿وَلَوْلاَ أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾؛ أي: من القبائِحِ، ﴿فَيَقُولُونَ رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾.
الثالِثُ: إنَّما ذَكَرَ المُصَنِّفُ الذمَّ والعِقَابَ وأَهْمَلَ المَدْحَ والثوابَ؛ لِتَلاَزُمِهِمَا نَفْيًا
1 / 143