ومعنى هذا أن لبس الصوف كان يعيب المياسير.
وفي مثل هذا ما حدثوا أن إبراهيم بن أدهم كان من أبناء الملوك فخرج يوما متصيدا فأثار ثعلبا أو أرنبا وهو في طلبه، فهتف به هاتف: يا إبراهيم! ألهذا خلقت؟ أم بهذا أمرت؟ ثم هتف به أيضا من قربوس سرجه: والله ما لهذا خلقت، ولا بهذا أمرت، فنزل عن دابته وصادف راعيا لأبيه، فأخذ جبة الراعي من صوف ولبسها وأعطاه فرسه وما معه، ثم دخل البادية.
23
فالصوف من لباس الرعاة، وابن أدهم حين جاءه الهاتف ترك فرسه وما معه وتصوف؛ أي: لبس الصوف ليلحق بالزهاد.
24
وقال عبد الله بن شداد: «أربع من كن فيه برئ من الكبر: من اعتقل البعير، وركب الحمار، ولبس الصوف، وأجاب دعوة الرجل الدون»، وهذا الكلام أثبته الجاحظ في البيان والتبيين،
25
وهو يفسر ما نقلناه آنفا من رثاء عمر بن الخطاب للرسول، فقد عد من تواضعه - عليه السلام - ركوب الحمار ولبس الصوف.
ومن كلام ابن الجوزي: «كان الزهد في بواطن القلوب فصار في ظواهر الثياب، كان الزهد حرقة فصار اليوم خرقة، ويحك! صوف قلبك لا جسمك، وأصلح نيتك لا مرقعتك».
26
Halaman tidak diketahui