189

Tasawuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Genre-genre

وهذه الفقرة في غاية من النفاسة؛ لأن الكاتب يشرح الفكرة الصوفية التي تقول: بأن الخير المطلق هو في نسيان الذات والأحوال، فهو يتوسل أولا بالفقر، ثم يبدو له أن الاعتداد بالفقر ذنب، ويرى من العبث أن يشكو إلى الله حالا لا تخفى عليه، أو يترجم له بمقال هو منه برز إليه، ويعجب كيف تخيب الآمال وقد وفدت إلى الله، وكيف لا تحسن الأحوال وبه قامت وإليه توجهت. وهذا وذاك من التلطف في مناجاة علام الغيوب.

ويفتح أمام قلبه باب الرجاء فيقول:

إلهي، كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك، وكلما آيستني أوصافي أطمعتني منتك.

36

ومعنى هذا أن الذنوب لا تمنع المؤمن من الطمع في كرم الله، وهذه الفكرة هي أساس التصوف. وتفني محاسنه أمام عينيه فيقول:

من كانت محاسنه مساوي، فكيف لا تكون مساويه مساوي، ومن كانت حقائقه دعاوي، فكيف لا تكون دعاويه دعاوى.

37

ومعنى ذلك أن أعمالنا كلها هباء، والاعتداد بصالح الأعمال غرور ينكره الصوفية.

وينكر أن تكون الكائنات هي الشاهد على وجود الله فيقول:

إلهي، كيف يستدل عليك، بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبت حتى نحتاج إلى دليل يدل عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك.

Halaman tidak diketahui