Tasawuf dan Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genre-genre
فقد أصبحت زاويته تسهم بنفوذها في توجيهات الحكم في مصر، بل وفي الإمبراطورية التركية بأسرها.
وبلغ من اعتزاز الشعراني بمكانته الدينية أن يأتي إليه الوزير الأعظم علي باشا قبيل سفره إلى تركيا ليقول له: «نحن مقربون للخليفة، فهل لك من حاجة ترفعها إليه؟» فيهتف الشعراني غاضبا: «ألك حاجة عند الله؟ إننا مقربون إلى حضرته.»
ونرى حاكما من حكام مصر هو الأمير حسن بك صنجق يتتلمذ على الشعراني، ثم يقبل على حبه، ويقبل على درسه، حتى يلازمه في زاويته ليلا ونهارا تاركا الإمارة والحكم.
ولكن الشعراني لا يرضى عن تلك الصحبة؛ لأن فيها استخفافا بمصالح الرعية وهي أمانة في عنق الأمير، وواجبه الأول أن يتخصص لها، ويتفرغ لشئونها.
ولكن حب الأمير لشيخه الشعراني كان أكبر من حبه للإمارة وجاهها، والحكم وسلطانه ونفوذه، فعز عليه وكبر لديه أن يفارق الشعراني ومجالسه وما فيها من أنس وعلم وتقوى، فاعتزم أمرا عجبا سره الأكبر يلتمس لدى التصوف والمحبة في الله.
وفي اليوم التالي تجلى هذا الأمر، فمع الشمس فرق الأمير أمواله، وأعتق عبيده، وأوقف أملاكه على وجوه الخير، واستبقى من هذا الثراء العريض رخام بيت من بيوتاته، وكان تحفة نادرة، وقليلا من المال، أما الرخام الفخم النادر والمال القليل فقد اعتزم الأمير أن يبني بهما ضريحا ومزارا لشيخه الشعراني وفاء وحبا.
وأقبل الأمير على أستاذه فقيرا متجردا ليسلك على يديه طريق الهدى واليقين بلا عائق من حكم، ولا مانع من إمارة.
وبكى الشعراني، فها هو رجل يترك من الدنيا شيئا لم يتركه الشعراني، ويزهد زهدا يتضاءل حياله كل زهد، ثم طلب من تلميذه أن يتريث قليلا في بناء الضريح، حتى إذا أحس الشعراني بأن ساعة صعود روحه إلى باريها وهاديها قد دنت، طلب من الأمير أن يقيم الضريح الذي اعتزم إقامته.
ولما شيد الضريح وارتفعت منارته وانتهى البناءون من آخر قطعة فيه، في نفس اللحظة انعقد لسان الشعراني، وجمدت أطرافه؛ فقد استوفى أنفاسه.
وكانت وفاته في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة للهجرة، وكانت آخر كلماته: أنا ذاهب إلى ربي الرحيم الكريم.
Halaman tidak diketahui