Tasawuf: Revolusi Rohani dalam Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genre-genre
صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربه.» وقد فسر هذا الحديث بمعنيين؛ الأول أن المعرفة المشار إليها معرفة أساسها الأضداد، فمن عرف نفسه مفتقرا عرف الله غنيا، ومن عرف نفسه ذليلا حقيرا عرف الله قويا عزيزا، ومن عرف نفسه فانيا عرف الله باقيا، ومن عرف نفسه حادثا عرف الله قديما، وعلى الجملة من في نفسه معنى العبودية أدرك في الله معنى الربوبية، ولا شك أن هذا هو المعنى الذي قصد إليه الجنيد عندما عرف التوحيد بأنه: «إفراد القدم من الحدث.»
9
والمعنى الثاني هو أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي خلقه الله على صورته واستخلفه في أرضه، ومن عرف الصورة عرف صاحب الصورة، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عربي في نظريته في الإنسان الكامل. •••
النفس في نظر الصوفية إذن هي عدو الإنسان الأكبر الذي تجب مجاهدته ومحاربته والقضاء على كل مظاهره. هي الشيطان الذي يقود الإنسان إلى الكفر والمعصية. هي مصدر الشر والجهل؛ لأنها لا ترى الأشياء إلا خلال حاجاتها المادية، ولا تدع العقل يدرك حقيقة من الحقائق إلا بعد أن تصبغها بصبغتها، ولذا كانت مجاهدتها أمرا يوجبه الشرع والعقل. يقول الله تعالى:
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ، ويقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.» وهو جهاد النفس ، ولذا أيضا أفاض الصوفية في كل العصور في الحديث عن النفس وآفاتها ورعوناتها، كما أفاضوا في الكلام عن أساليب مقاومتها، وتكلموا عن المعاصي وكيف تبدأ، وعن الصفات النفسية الخسيسة وكيف تمحى، وعن الأفعال الأخلاقية الذميمة وكيف تتقى، ووضعوا نظاما أخلاقيا ضخما على أساس هذه النظرة المتشائمة إلى النفس، وقد شرحنا طرفا من هذا النظام في تحليلنا لأصول فرقة الملامتية في كتابنا «الملامتية والصوفية وأهل الفتوة» وهي الأصول التي جمعها الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في رسالة الملامتية التي نشرناها في ذلك الكتاب.
وفي النفس طبيعتان هما منبع الشر فيها؛ الأولى الشهوة، والثانية الهوى. أما الشهوة فاسم يطلقه الصوفية بصورة عامة على مبدأ طلب اللذة، وهو مبدأ منبث في جميع أجزاء البدن يحاول دائما أن يحقق غرضا من أغراضه، وتخدمه الحواس في تحقيق أغراضه؛ ولذلك تعددت الشهوات بتعدد آلاتها، والأصل فيها شيء واحد في نوعه وإن تعددت أسماؤه وكيفياته. فشهوة البطن الأكل والشرب، وشهوة العين الإبصار، وشهوة الأذن السمع، وشهوة الأنف الشم، وشهوة اللسان الكلام، وشهوة الفم الذوق، وشهوة الجسم اللمس، وشهوة العقل الفكر، وهكذا، والإنسان مطالب بحراسة هذه الأعضاء وتوجيه شهواتها الوجهة التي تتفق مع روح الشرع ولا تتعارض مع الأمر والنهي؛ فللعبد أن يشبع شهوة البطن ولكن من حلال، ويشبع شهوة الكلام ولكن في غير باطل، وشهوة النظر ولكن في غير محرم، وشهوة السعي على رجليه ولكن في غير معصية أو إضرار بالغير، وشهوة الفكر ولكن في غير كفر جلي أو خفي، وهكذا، والإنسان مسئول عن حراسة أعضاء جسمه وعن رياضتها الرياضة الدينية القويمة بدليل قوله تعالى:
يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .
10
أما «الهوى» فهو الميل الطبيعي الذي يتحكم في النفس وأفعالها لتحقيق رغباتها، وهو في مقابلة العقل، والإنسان أبدا محل نزاع بين عقله وهواه، كل يجذبه ناحيته، والهوى أعم من مجرد الرغبة في اللذات والشهوات الحسية، فهو لا يقتصر على النزوع الطبيعي لتحقيق اللذة في عضو من أعضاء البدن، بل قد يكون نزوعا نحو لذات أخر غير حسية كلذة التسلط والقهر وحب الظهور والكبرياء، والرجل المستسلم لهواه إذا حركه هواه نحو طلب اللذات البدنية قد لا يتجاوز شره نفسه، كالرجل الذي يطلب لذة السكر فإنه يغشى الحانات والناس في مأمن من شره. أما طالب الشرف والسلطان، فقد يعيش في صومعة أو دير ويضل الطريق إلى الله ويضلل غيره.
Halaman tidak diketahui