Tasawuf: Revolusi Rohani dalam Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genre-genre
تروي الحكايات أنه استمع يوما إلى الحارث المحاسبي وهو يدرس لتلاميذه في حلقة من حلقاته وكان مختفيا وراء ستار، فخرج وهو يبكي؛ لا لأنه فهم كلام المحاسبي، ولكن تأثرا بنغمة الصدق التي لاحظها في وصاياه.
ثم جاء أتباع ابن حنبل فكانوا أشد مقتا للصوفية وتنكيلا بهم، وقد بلغ اضطهادهم لهم أقصاه في محنة الصوفية المعروفة بمحنة غلام الخليل ،
10
وهي المحنة التي اتهم فيها نحو سبعين صوفيا، من بينهم الجنيد شيخ الطائفة ببغداد، وحوكموا وحكم عليهم بالإعدام ثم أفرج عنهم.
لم تكن الثورة التي قام بها الفقهاء ضد الصوفية في الحقيقة إلا رد فعل للثورة الروحية التي أراد الصوفية أن يحدثوها في الدين، فقد أدرك الصوفية أن الدين قد أصبح في عرف الفقهاء جملة رسوم وأوضاع لا حياة ولا روحانية فيها، وهذه الرسوم والأوضاع إن أرضت ظاهر الشرع وأشبعت عقول المشرعين المفتونة بتقعيد القواعد وتعميم القوانين حتى ولو أدى ذلك إلى اصطناع «الحيل» و«المخارج» غير المعقولة، لم تكن لترضي باطن الشرع ولا تشبع العاطفة الدينية عند الصوفية؛ لذلك كان لا بد من أن ينقسم «علم الشريعة» إلى قسمين؛ علم ظاهر الشرع الذي يدرس الأعمال التي تجري على الجوارح، وهي: العبادات كالصلاة والصوم والحج، والمعاملات مثل الحدود والزواج والطلاق والعتق والبيع، وقد سمي ذلك «علم الفقه»، وهو علم الفقهاء وأهل الفتيا، والثاني علم الأعمال الباطنة أو أعمال القلوب، وهو التصوف أو علم الحقائق الذي سمي أهله بالصوفية وأرباب الحقائق وأهل الفهم من أهل العلم، كما سمي الآخرون أهل الظاهر وأهل الرسوم.
إلى هذا يشير رويم البغدادي المتوفى سنة 303 بقوله: «كل الخلق قعدوا على الرسوم وقعدت هذه الطائفة (يعني الصوفية) على الحقائق، وطالب الخلق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع وهم طالبوا أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق.»
11
فالتفرقة ظاهرة في عبارة رويم بين الشرع وحقيقة الشرع، بين الظاهر والباطن، أو بين الدين في الرسم والدين في الجوهر، وهذه النظرة وحدها هي لب التصوف، وهي العامل الأكبر في تحويل الإسلام - على أيدي الصوفية - من دين رسوم وأوضاع إلى دين حي روحي، وترجع المقابلة بين الشريعة والحقيقة - وهي مسألة سنفيض الكلام فيها فيما بعد - في أصل نشأتها إلى المقابلة بين ظاهر الشرع وباطنه، ولم يكن المسلمون في أول عهدهم بالإسلام ليقروا هذه التفرقة أو يفكروا فيها، ولكنها بدأت بالشيعة الذين قالوا إن لكل شيء ظاهرا وباطنا، وأن للقرآن ظاهرا وباطنا، بل لكل آية فيه وكل كلمة ظاهر وباطن، وينكشف الباطن للخواص من عباد الله الذين اختصهم بهذا الفضل وكشف لهم عن أسرار القرآن؛ ولهذا كانت لهم طريقتهم الخاصة في تأويل القرآن وتفسيره، ويتألف من مجموع التأويلات الباطنية لنصوص القرآن ورسوم الدين وما ينكشف للسالكين من معاني الغيب عن طرق أخرى ما أطلق عليه الشيعة اسم «علم الباطن» الذي ورثه النبي
صلى الله عليه وسلم
عليا بن أبي طالب - في زعمهم - وورثه علي أهل العلم الباطن الذين سموا أنفسهم بالورثة.
Halaman tidak diketahui