Tasawuf: Revolusi Rohani dalam Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genre-genre
وإننا إذا نظرنا إلى التصوف نظرة تاريخية وإلى الأدوار المختلفة التي مر بها، وجدنا في كل هذه الأدوار ثورة واحدة متصلة، يختلف شكلها باختلاف موضوعها واتجاهها. فقد اتجهت ضد العالم في كل عصر من عصور التصوف، وفي عصر الزهد الأول بوجه خاص، واتجهت ضد رجال الدين من فقهاء ومتكلمين بمجرد أن دخل التصوف في دور نضجه ابتداء من القرن الثالث، ثم اتجهت ضد الفلسفة التقليدية بعد ذلك.
ولنتناول هذه الثورة الروحية العارمة في مراحلها المختلفة ونعرضها عرضا تاريخيا بقدر المستطاع تيسيرا لمعالجة المسألة، وإلا فالروح الثورية ظاهرة في التصوف برمته، وفي كل عصر من عصوره في موقفها من الدنيا ومن الدين ومن الله. (1) ثورة الصوفية على الدنيا
تتمثل ثورة التصوف على الدنيا في كل ما ينطوي تحت ذلك الوصف العام الذي عنونوا له باسم «الزهد»، وقد كان الزهد دائما عنصرا أساسيا من عناصر الحياة الصوفية عند المسلمين وغيرهم، ولكنه قد ينفرد دونها فيوجد الزاهد غير المتصوف. أما المتصوف غير الزاهد فلا وجود له في البيئات الدينية، ولا عبرة بأولئك المشعوذين الدجالين الذين يثيرون في نفوسهم أحوالا تشبه في ظاهرها أحوال الصوفية، فيدعون أنهم منهم وهم دخلاء عليهم؛ لأن سيرتهم الأخلاقية والدينية تشهد بذلك.
وقد أدرك الفرق بين الزهد والتصوف بعض كتاب العرب السابقين كابن الجوزي الذي يقول: «فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد، ويدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد، وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره.»
1
وكذلك تنبه إلى هذه التفرقة ابن خلدون، وهي تفرقة أخذ بها من المحدثين جولدزيهر وأفاض في الكلام فيها، وأخذ بها من بعده كل من كتب في التصوف إلى يومنا هذا. ذلك لأن للتصوف ناحيتين مختلفتين؛ الناحية العملية وهي الزهد وما ينطوي عليه من حياة العبادة والانقطاع إلى الله، والعزوف عن الدنيا وشهواتها وكل ما هو مطمع للنفس، والأخذ بأنواع المجاهدات والرياضات، والناحية الإشراقية التي هي التصوف بمعناه الدقيق، وتنطوي على كل ما يلزم عن حياة الزهد من الأحوال، وما ينكشف للصوفي بعد تصفية النفس وتطهيرها من مواجد وأذواق ومعارف، وما يدركه من معاني القرب الإلهي أو ما يسميه الصوفية «الاتصال بالله».
والثورة الروحية ضد الدنيا وكل ما يتصل بها، وإن كنا نلمسها في كل دور من أدوار التصوف الإسلامي، تظهر أعنف ما تكون في دوره الأول، حيث وجد من بين المسلمين من وصف بصفة الزهد قبل أن يوجد فيهم من وصف بصفة الصوفي؛ ولهذا سأقصر كلامي هنا على الزهد في هذا الدور مشيرا إلى الأسباب التي دعت زهاد المسلمين الأوائل إلى الوقوف من الدنيا موقف عداء صريح وإنكار وهجر، وسأتناول كذلك موقف الإسلام نفسه من الدنيا ليتضح إلى أي حد كانت ثورة هؤلاء الزهاد ضد الدنيا متصلة بدينهم.
لم يكن الزهد الرهباني من الفضائل التي دعا إليها الإسلام لأن الإسلام في صميمه دين اجتماعي كما قلنا، والزهد الرهباني مناف لروح الحياة الاجتماعية، ولكن الإسلام دعا إلى نوع آخر من الزهد يمكن وصفه بأنه القصد في اللذات وعدم التهالك عليها أو الإسراف فيها إلى الحد الذي ينسى الإنسان فيه ربه وآخرته، وهذا واضح كل الوضوح في سيرة النبي عليه السلام وسيرة الصحابة وصدر التابعين. دعا الإسلام إلى الزهد في الدنيا وإلى تحقيرها لا إلى هجرها والفرار منها، ودعا إلى عبادة الله تعالى في حدود رسمها ولم يدع إلى الانقطاع إلى هذه العبادة، ودعا إلى الأخذ بنصيب معقول من الحياة ومن كل ما كان رزقا حلالا ولم يدع إلى تحريم كل شيء، ودعا إلى النظر إلى الدنيا باعتبارها دار فناء ودار تحول وانتقال وأنها مزرعة الآخرة، وإلى الآخرة باعتبارها دار بقاء وخلود ونعيم مقيم أو عذاب أليم. يقول الله تعالى:
اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور .
2
Halaman tidak diketahui