Tasawuf: Revolusi Rohani dalam Islam
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Genre-genre
أجمع الصوفية في كل العصور على أن تجاربهم الروحية أمور تستعصي على الوصف وتعلو على التعبير، وآثر الكثيرون منهم الصمت فلم يحاولوا أن يضعوا لها تفسيرا أو تعليلا، وإنما وصفوا ما أدركوه أو شاهدوه أو كشف لهم عنه من الأحوال بأنها أمور «ذوقية» أو «وجدانية» لا تفي اللغة بالتعبير عنها أو ترجمتها بالألفاظ.
ولكن هذا لم يقف حائلا دون محاولة بعضهم وضع تعريفات للتصوف والصوفي: أي للتصوف من حيث هو ظاهرة روحية خاصة، أو حياة يحياها الصوفي، وللصوفي من حيث هو إنسان يحيا هذه الحياة، وليست هذه التعريفات تعريفات لفظية لكلمتي «التصوف» و«الصوفي»، وإنما هي تعبيرات عن مضمون «الحالة الصوفية»، وإشارات إلى ما يعتبره كل صوفي مقوما لحياته الروحية أو صفة أساسية جوهرية في هذه الحياة؛ ولهذا كانت هذه التعريفات «شخصية» إلى أبعد حد. من أجل هذا اختلفت تعريفات الصوفية للتصوف؛ لأن كلا منهم يعبر عن جانب من الحياة الروحية قد يشاركه في الإحساس به غيره من الصوفية وقد لا يشاركه، ومن أجل هذا أيضا استحال أن نستخلص من جملة التعريفات الكثيرة التي أوردناها في هذا الفصل معنى واحدا عاما يمكن أن نعتبره صفة نوعية مميزة للتصوف: بل هي على العكس أشبه بالمرايا المختلفة التي تنعكس عليها نفوس الصوفية في لحظات اتصالهم بالله، والمعروف أن هذا الاتصال لا يتم لهم جميعا على نمط واحد أو بطريقة واحدة.
وقد كنا نطمع بعد دراسة خمسة وستين تعريفا للتصوف أن نجد معنى عاما مشتركا ينتظمها جميعا، ولكنا لم نظفر بهذا المعنى على وجه التحديد، ووصلنا إلى معنى قريب منه يمكن أن يقال إن الغالبية العظمى من التعريفات تتفق عليه، وهو أن التصوف في أساسه وجوهره «فقد ووجود»: «فقد» لأنية العبد، و«وجود» له بالله أو في الله؛ أي فناء عن الذات المشخصة وأوصافها وآثارها، وبقاء في الله . أو أنه - بعبارة أخرى - «الجذبة في الله».
على أن التعريفات التي وضعت للتصوف ليس كلها تعريفات له من حيث هو تجربة روحية، فإن بعضها تعريفات له من حيث هو طريق موصل إلى الله، وفي النوع الأول ترد كلمات تعبر عن معان هي في صميم الحياة الروحية، كالوجد والجذب والإشراق والحب والمعرفة والفناء والبقاء وصفاء النفس ونحو ذلك، وهذا النوع غالب في تعريفات صوفية القرنين الثالث والرابع ابتداء من ذي النون المصري، ويتصل بهذا النوع طائفة من التعريفات تشير إلى بعض أخلاق الصوفية كالزهد في الدنيا وكراهيتها وترك حظوظها، وقطع العلائق بالخلق، والتوكل على الله والورع والأدب والتحلي بصفات العبودية المحضة، والإيثار وبذل النفس والفتوة، والتسليم والتمسك بظاهر الشرع مع التحقق بباطنه، وترك الدعاوى والنظر إلى الأعمال بعين النقص والتقصير، والعصمة عن رؤية الكون واستقامة الأحوال ونحو ذلك.
أما النوع الثاني الذي يعرف التصوف من حيث هو طريق إلى الله، فهو إشارات إلى الجانب العملي الحياة الصوفية وما يجب أن يقوم به الصوفي من ضروب العبادات والمجاهدات والرياضيات. •••
وإننا لا نجد تعريفا للتصوف قبل نهاية القرن الثاني الهجري؛ أي قبل معروف الكرخي المتوفى سنة 200. أما مرحلة الزهد السابق على هذا العهد فقد أكثر رجالها من الكلام عن الدنيا والزهد فيها، وعن النفس ومحاربتها، والمعاصي وضرورة تجنبها، والآخرة ونعيمها وعذابها، إلى غير ذلك مما هو متصل بالجانب العملي من الطريق الصوفي، ولنذكر بعض الأمثلة من أقوال رجال هذا العصر التي تعبر عن موقفهم من الحياة الصوفية وإن لم تكن كلها تعريفات للتصوف بالمعنى الصحيح: (1)
قيل للحسن البصري (المتوفى سنة 110): إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: «وهل رأيتم فقيها قط؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، البصير بأمر دينه، المداوم على عبادة ربه عز وجل» (طبقات الشعراني، ج1، ص26). هذا وصف للفقيه الحقيقي - أو بمعنى آخر الفقيه الصوفي - في نظر الحسن البصري. فالفقيه الحقيقي ليس هو العالم بالفقه، بل هو الذي يعيش وفقا لتعاليم الشريعة من زهد في الدنيا، ومداومة للعبادة وبصر بأمور الدين وإدراك للمغازي الروحية التي تنطوي عليها العبادات. (2)
يقول داود الطائي (المتوفى سنة 165) في وصية لرجل طلب منه أن يوصيه: «صم عن الدنيا واجعل فطرك الموت، وفر من الناس كفرارك من السبع» (رسالة القشيري، ص12). (3)
يقول الفضيل بن عياض (المتوفى سنة 187): «لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي ولا أحاسب عليها لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه» (القشيري، ص9).
في هذه الأقوال وما شاكلها ما يشير إلى أن مفهوم التصوف عند هؤلاء الزهاد كان الزهد في الدنيا وتحقيرها، والإقبال التام على العبادة.
Halaman tidak diketahui