بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
ترتيب الفروق واختصارها (*)
تأليف أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البقورى.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين.
والصلاة والسلام على سيد الرسلين، ورضى الله عن آله وأصحابة أجمعين.
وبعد، فإني لما وقفت على الفروق التي لشيخنا الأجل، الإمام الأفضل، العالم العَلَمِ المشارك، شهاب الدين أبي العباس، أحمد بن الشيخ الأجل المرحوم أبي العُلَى، إدريس القرافي قدس الله روحه ونور ضريحه، وعلمت ما شهدت به من فضل مؤلفها وجلالة قدره، ظهر لي أنه - رحمه الله تعالى - ما منعه أن يرتبه (١) ترتيبا يسهل على الناظر فيه مطالعته، إلا أنه خرج من يده بإثر جمعه، فانتشرت منه نسخ على ما هو عليه، أعجزه ذلك وعاقة عن أن يغيره، فرأيت أن ألخصه، وأن أرتبه، وأن أنبه على ما يظهر خلال ذلك في كتابه، وأن ألحق به ما يناسبه، مما لم يذكره ﵀، فيكون هذا كالعون على فهم الفروق المذكورة وتحصيلها.
_________
(*) رتب واختصر فيه هذا المؤلف الجليل المتوفى بمراكش عام سبع وسبعمائة هجرية (٧٠٧ هـ) كتاب الفروق في القواعد الفقهية لشيخه الأجل، شهاب الدين احمد بن ادريس القرافي ﵀.
(١) الضمير بالتذكير يعود على قواعد الفروق بمعنى الكتاب، وكان مقتضى السياق والانسجام مع الكلمات والضمائر السابقة، أن ياق في هذه الجملة بضمير التانيث، ويقول: "يرتبها ترتيبا" وهذا التنويع في اعادة الضمير على ما قبله مستعمل في الاسلوب العربي حيث لا لبس في الكلام، ويعرف عند علماء البلاغة بالاستخدام وهو احد المحسنات المعنوية في علم البديع، حيث يكون للفظ معنيان: احدهما ظاهر، والاخر خفى، ويعاد عليه الضمير بالمعنى الثاني الخفي، كما في قول جرير في المطر:
إذا نزل السماء بارض قوم ... رعيناه وان كانوا غِصَابًا (أو غِضابا)
فلفظ السماء مؤنث، واعيد عليه الضمير بالمونث، على اعتبار ان المرادَ به المطر، وهو مؤنث، فالمعنى اذن جَلِي واضح.
1 / 19