وإنما قلنا ذلك- لأن الصغير والصغيرة محتاجان إلى مصالح النكاح عاجزان عن مباشرة النكاح بأنفسهما. والأخ أو العم يختص بكمال الرأي والشفقة، فوجب أن يثبت لهما الولاية تحصيلًا لمصالح النكاح ودفعًا لحاجتهما.
فإن قيل: / قولكم بأن الصغير والصغيرة يحتاجان إلى النكاح- قلنا: لا نسلم. وظاهر أنه ليس كذلك، لأن الحاجة إلى النكاح لتحصيل المصالح المطلوبة من النكاح، وهي قضاء الشهوة والتوالد والتناسل والسكن للزدواج، وهذه المعاني لا تتحقق في حق الصغير والصغيرة- غاية ما في الباب أنهما يحتاجان إلى ذلك بعد البلوغ. ولكن الدليل ينفي ولاية الإنكاح، لما فيه من الإضرار في جانب الصغير بإيجاب المهر والنفقة، وفي جانب الغصيرة بالرق والاستفراش، والدليل ينفي ذلك، إلا أنا تحملنا ذلك في موضع يكون النكاح صيانة عن الزنا في الحال وفيما عداه يتمسك بالدليل النافي، بخلاف الأب والجد، لأن الشرع لكمال شفقتهما ورأيهما أقام الحاجة بعد البلوغ مقام الحاجة في الحال في إثبات الولاية.
ولئن سلمنا أنها محتاجان، ولكن لم قلتم بأن الأخ والعم مختصان بكمال الشفقة والرأي؟ وهذا لأن في شفقتهما قصورًا، وذلك مما يمنع التصرف على وجه النظر، فلا تثبت الولاية. ولأنا أجمعنا على أن الأخ والعم لا يثبت لهما ولاية التصرف في مال الصغير والصغيرة، ومعلوم أن أمر النفس أهم من أمر المال، فانتفاء الولاية ههنا أولى.
ولئن سلمنا أن الأخ والعم يصلحان لإثبات الولاية، ولكن متى تثبت الولاية لهما: إذا كان ههنا أنظر منهما أم إذا لم يكن؟ م ع. وههنا أنظر منهما وهو القاضي، لاختصاصه بكمال العلم والديانة، فلا تثبت لهما الولاية.
الجواب:
قوله: الصغير والصغيرة لا يحتاجان إلى مصالح النكاح في الحال، فلا يحتاجان إلى
1 / 63