بل النكاح مجاز في الوطء، بدليل أنه يصح أن يقال: وطئها وما نكحها، أو نكحها وما وطئها، وهذا أمارة المجاز.
ولا يقال بأن الأصل هو الحقيقة، لأنا نقول: لا نسلم، بل كل واحد منهما أصل، بل المجاز أفصح وأكثر استعمالًا. ولا يقال بأن المجاز يخل بالفهم، لأنا نقول/ يخل بالإفهام المطلوب من الحقيقة، أما لا يخل بالإفهام المطلوب من المجاز.
ولئن سلمنا بأن المراد من منكوحة الأب موطوءة الأب، ولكن لم قلتم بأن المراد بكلمة "ما" بقوله: ﴿ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم﴾ هي المرأة. وهذا لأن كلمة "ما" حقيقة في غير العقلاء، فلو كان المراد منه "المرأة" لقال: "من نكح آباؤكم"، فكان المراد والله أعلم: ولا تنكحوا النكاح الذي كان يعقد آباؤكم في الجاهلية.
ثم نقول: الحرمة عندكم ثبتت بالنظر والمس قبل الوطء، فلا يمكن إثباتها بالوطء، وصار هذا كوطء الصغيرة التي لا تشتهي.
الجواب:
قوله: لم قلتم بأن النكاح عبارة عن الوطء حقيقة- قلنا: لأن مطلق الاستعمال دليل الحقيقة.
قوله: يصح أن يقال: نكحها وما وطئها- قلنا: لا نسلم بأنه يصح أن يقال هذا الكلام مطلقًا، وإنما يصح على تقدير إضمار شيء وهو قوله: نكحها نكاحًا هو عقد وما وطئها، فعلم أن النكاح حقيقة للوطء والعقد على طريق العموم، احترازًا عن الاشتراك المخل بالفهم.
قوله: بأنه ذكر بكلمة "ما"- قلنا: كلمة "ما" قد تستعمل بدلًا عن كلمة "من" –قال الله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ ومَا رَبُّ العَالَمِينَ﴾ بمعنى "من" فيجب
1 / 54