ثم نقول: النكاح واجب عندنا على سبيل الكفاية، فلا يأثم به البعض إذا قام به البعض، ولو ترك الكل فالكل يأثمون.
قوله: لم قلتم بأن هذه الصيغة أمر؟ قلنا: لأن كون الصيغة أمرًا يقف على شرطين: أحدهما المرتبة، والثاني الإرادة- الدليل عليه أن السيد إذا قال لعبده: "اسقني" يسبق إلى فهم العبد كونه أمرًا ويسارع إلى الامتثال. وقد وجد في هذه الصورة علو المرتبة والإرادة. أما علو المرتبة فظاهر. وأما الإرادة فلأنه إذا وجدت هذه الصيغة متجردة عن القرائن، وهذه الصيغة موضوعة للأمر- دلت على إرادة كونه أمرًا.
قوله: لم قلتم بأن الأمر للوجوب؟ - قلنا: لأن الصحابة حملوا أوامر الله وأوامر رسوله على الوجوب. ولأن ترك الفعل المأمور به عصيان، لأن اللغوي لا يفرق بين قول القائل: أمرتك بكذا فعصيتني وبين قوله: أمرتك فلم تفعل. وقال الشاعر: "أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني" أي لم تفعل. فثبت أن ترك الفعل المأمور به عصيان، والمعصية سبب لاستحقاق العقاب، لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا﴾.
قوله: متى يفيد الواجب: إذا ورد بعد الحظر أم قبل الحظر؟ قلنا: قبله وبعده، لأن ما ذكرناه من [الكتاب] لا يفصل. وفيما ذكر من المواضع حمل على
1 / 49