Jalan Ikhwan Safa: Pengenalan kepada Gnosis Islam
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genre-genre
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن صور النبات منكوسة الانتصاب إلى أسفل لأن رءوسها نحو مركز الأرض ومؤخرها نحو محيط الأفلاك، والإنسان بالعكس من ذلك؛ لأن رأسه مما يلي الفلك، ورجليه مما يلي مركز الأرض في أي موضع وقف على بسيطها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا ... والحيوانات متوسطة بين ذلك لا منكوسة كالنبات، ولا منتصبة كالإنسان، بل رءوسها إلى الآفاق، ومؤخرها إلى ما يقابله من الأفق الآخر ...
وقد بينا في رسالة لنا أن قوى النفس الكلية أول ما تبتدئ تسري في قعر الأجسام من أعلى سطح الفلك المحيط نحو مركز الأرض. فإذا سرت في الأفلاك والكواكب والأركان والمولدات وبلغت إلى مركز الأرض من أقصى مدى غاياتها ومنتهى نهاياتها، عطفت عند ذلك راجعة نحو المحيط، وهو المعراج والبعث والقيامة الكبرى.
فانظر الآن يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، كيف يكون انصراف نفسك من هذا العالم إلى هناك، فإنها هي إحدى القوى المنبثة من النفس الكلية السارية في العالم، وقد بلغت إلى المركز، وانصرفت ونجت من الكون في المعادن، أو في النبات، أو في الحيوان، وقد جاوزت الصراط المنكوس [صورة النبات] والصراط المقوس [صورة الحيوان]، وهي الآن على صراط مستقيم آخر درجات جهنم، وهي الصورة الإنسانية. فإن جاوزت وسلمت من هذه دخلت الجنة» (22: 2، 180-183).
حلقات التطور هذه مرتبطة بعضها ببعض عبر مراحل وسيطة تتحول عندها إحدى الحلقات إلى التي تليها: «آخر مرتبة الجواهر المعدنية متصلة بأول مرتبة الجواهر النباتية ... وآخر مرتبة النبات متصلة بأول مرتبة الحيوانية، وآخر مرتبة الحيوانية متصلة بأول مرتبة الإنسانية، وآخر مرتبة الإنسانية متصلة بأول مرتبة الملائكة الذين هم سكان السماوات وقاطنو الأفلاك ...
اعلم يا أخي بأنك مندوب للقاء ربك، ومبعوث من هذه الدنيا إلى هذه المرتبة [الملائكية]، ومقصود بك إليها منذ يوم خلقت، تنتقل من حال أدون إلى حال هي أتم وأكمل وأشرف إلى أن تلقى ربك ... فمن تلك الحالات ما قد جاوزت وشاهدت، ومنها ما لم تبلغها بعد» (21: 2، 150-151). «واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن الباري، جل ثناؤه، لما أبدع الموجودات واخترع الكائنات، جعل أصلها كلها من هيولى واحدة، وخالف بينها بالصور المختلفة، وجعلها أجناسا وأنواعا مختلفة متفننة متباينة، وقوى ما بين أطرافها، وربط أوائلها وأواخرها بما قبلها رباطا واحدا على ترتيب ونظام لما فيه من إتقان الحكمة وإحكام الصنعة ، لتكون الموجودات كلها عالما واحدا منتظما نظاما واحدا وترتيبا واحدا، لتدل على صانع أحد.
فمن تلك الموجودات المختلفة الأجناس المتباينة الأنواع، المربوطة أوائلها بأواخرها وأواخرها بما قبلها في الترتيب والنظام، المولدات الكائنات التي دون فلك القمر، وهي أربعة أجناس، المعادن والنبات والحيوان والإنسان. وذلك أن كل جنس منها تحته أنواع كثيرة، فمنها ما هو في أدون المراتب، ومنها ما هو في أشرفها وأعلاها، ومنها ما هو بين الطرفين. أدون أطراف المعادن مما يلي التراب: الجص والزاج وأنواع الشبوب؛ والطرف الأشرف: الياقوت والذهب الأحمر، والباقي بين هذين الطرفين [على درجات متفاوتة] من الشرف والدناءة، كما بينا في رسالة المعادن.
وهكذا أيضا حكم النبات فإنه أنواع كثيرة متباينة متفاوتة، ولكن منها ما هو في أدون الرتبة مما يلي رتبة المعادن، وهي خضراء الدمن، ومنها ما هو في أشرف الرتبة مما يلي رتبة الحيوان، وهي شجرة النخل. وبيان ذلك أن أول المرتبة النباتية وأدونها مما يلي التراب هي خضراء الدمن، [وهذه] ليست بشيء سوى غبار يتلبد على الأرض والصخور والأحجار، ثم تصيبه الأمطار وأنداء الليل، فيصبح بالغد كأنه نبت زرع وحشائش. فإذا أصابه حر شمس نصف النهار جف، ثم يصبح من غد مثل ذلك من أول الليل وطيب النسيم، (ومثلها الكمأة والفطر وما شاكل ذلك. وذلك أن هذا الجنس من الكائنات يتكون في التراب كالمعدن، ثم ينبت في المواضع الندية في أيام الربيع من الأمطار، كما ينبت النبات، ولكن من أجل أنه ليس له ثمرة ولا ورقة ... صار يشبه المعادن، ومن جهة أخرى يشبه النبات).
4
ولا تنبت الكمأة ولا خضراء الدمن إلا في أيام الربيع في البقاع المتجاورة، لتقارب ما بينهما؛ لأن هذا [أي خضراء الدمن] معدن نباتي، وذاك [أي الكمأة] نبات معدني.
وأما النخل فهو آخر المرتبة النباتية مما يلي الحيوانية، وذلك أن النخل نبات حيواني؛ لأن بعض أحواله مباين لأحوال النبات، وإن كان جسمه نباتا. بيان ذلك أن القوة الفاعلة [فيه] منفصلة من القوة المنفعلة، والدليل على ذلك أن أشخاص الفحولة منه مباينة لأشخاص الإناث، ولأشخاص فحولته لقاح في إناثها كما يكون ذلك للحيوان ... وأيضا فإن النخل إذا قطعت رءوسها جفت وبطل نموها ونشوءها وماتت. كل ذلك موجود في الحيوان. فبهذا الاعتبار تبين أن النخل نباتي بالجسم، حيواني بالنفس؛ إذ كانت أفعاله أفعال النفس الحيوانية، وشكل جسمه شكل النبات.
Halaman tidak diketahui