Jalan Ikhwan Safa: Pengenalan kepada Gnosis Islam
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genre-genre
30
منقبضا كأنه مصرور في صرة ، ركبتاه مجموعتان إلى صدره، ومرفقاه منضمان إلى حقويه، وهو منكس رأسه على دفته وعلى ركبتيه، وكفاه على خديه، وهو شبه نائم محزون.
فلو رأيته يا أخي لرحمته لضيق مكانه وضعف أحواله، ولكنه لا يحس بما هو فيه رفقا من الله تعالى بخلقه ولطفا بهم. وتكون سرته متصلة بسرة أمه، تمتص منها الغذاء إلى يوم الولادة، ويكون وجهه إن كان ذكرا مما يلي ظهر أمه، وإن كان أنثى فعكس ذلك ...
ثم اعلم أنه عند دخول الشهر السادس، يصير التدبير لعطارد، وتستولي عليه قوى روحانياته، فيتحرك عند ذلك الجنين في الرحم، ويركض برجليه ويمد يديه، ويبسط جوارحه، ويضطرب ويحس بمكانه، ويفتح فاه، ويحرك شفتيه، ويدير لسانه في فيه، فيكون تارة متحركا، وتارة يسكن، وتارة ينام، وتارة يستيقظ. فلا يزال ذلك دأبه إلى أن يتم الشهر السادس ويدخل الشهر السابع، ويصير التدبير للقمر، وتستولي عليه قوى روحانياته، فيربو لحم الجنين حينئذ، وتسمن جثته وتشتد أعضاؤه ... ويحس بضيق مكانه، ويطلب التنقل والخروج؛ فإن قدر له ذلك ... وكان الجنين كاملا عاش وتربى وعمر، وإن بقي هناك إلى أن يدخل الشهر الثامن وتدخل الشمس بيت الموت يرجع التدبير إلى زحل، فتستولي عليه قوى روحانياته، عرض للجنين ثقل وسكون، وغلب عليه البرد والنوم وقلة الحركة. فإن ولد في هذا الشهر كان بطيء النشوء ثقيل الحركة قليل العمر، وربما كان ميتا. وإذا دخل الشهر التاسع ... ورجع التدبير إلى المشتري، السعد الأكبر، واستولت عليه قوى روحانياته، واعتدل المزاج وقويت روح الحياة، ظهرت أفعال النفس الحيوانية في الجسد ... فإذا خرج الجنين بعد ثمانية أشهر، استأنف العمر في الدنيا ...
واعلم يا أخي بأن الكائنات التي تحت فلك القمر تبتدئ من أنقص الحالات وأدونها مترقية إلى أتمها وأفضلها. ويكون ذلك في مر الزمان والأوقات؛ لأن طبيعتها لا تقبل فيض أشخاص فلكية دفعة واحدة، ولكن شيئا بعد شيء على التدريج، كما يقبل المتعلم الذكي من الأستاذ الحاذق .
واعلم بأن فيضات الكواكب من محيط الأفلاك متصلة نحو مركز الأرض في دائم الأوقات، ولكنها مفننة الألوان، متغايرة الأشكال، وذلك بحسب مواضعها من أفلاكها، وموازاتها من فلك البروج، وحدودها ... [ولكن] لا ينبغي لك يا أخي أن تتوهم أو تظن أن هذه الكواكب والأفلاك التي ذكرنا أفعالها وتأثيراتها في تركيب الجسد الإنساني هي آلات وأدوات للباري، جل ثناؤه، يخلق بها الإنسان، بل إنما هي آلات وأدوات للنفس الكلية الفلكية، وهذه النفس هي عبد مطيع للباري تعالى، فقد أيدها بالعقل الكلي الذي هو ملك من ملائكته المقربين
الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا .
واعلم يا أخي أن هذه الأشخاص الفلكية، لما كانت موضوعة بعضها من بعض على النسبة الموسيقية من ثلاثة أنواع، أحدها نسبة أعظام [= أحجام] بعضها عند بعض، والآخر نسبة أبعاد مراكزها بعضها من بعض ومن الأركان الأربعة، وكذلك الثالث نسبة حركاتها في سرعة وإبطاء، فمن أجل ذلك إذا عرضت لها تلك الحالات المختلفة التي تقدم ذكرها في الفصل الأول، اختلفت مناسباتها، فعند ذلك تختلف تأثيراتها في الكائنات بحسب اختلاف النسبة، كما تختلف أصوات الموسيقى ونغماتها عند طول الأوتار وقصرها ودقتها وغلظها، وسرعة حركات المضارب وإبطائها، فتختلف عند ذلك تأثيراتها في نفوس المستمعين بحسب اختلاف طبائعهم وآرائهم وأخلاقهم، كما بينا طرفا من ذلك في رسالة الموسيقى ...
ثم اعلم يا أخي بأنه متفق بين أهل صناعة التنجيم في أحكام المواليد، أنه من يوم الولادة إلى تمام أربع سنين شمسية يكون الطفل في تدبير القمر صاحب النمو والزيادة والنشوء، وتشاركه سائر الكواكب في التدبير ... ثم يصير في تدبير عطارد ثلاث عشرة سنة، وهو صاحب النطق والحركة والتعاليم والآداب والتمييز والفهم، وتشاركه في التدبير سائر الكواكب ... ثم يصير المولود في تدبير الزهرة ثماني سنوات، وهي صاحبة الحسن والزينة والشهوات واللذة والرغبة في النكاح والحرص على السفاح، وتشاركها في التدبير سائر الكواكب، فيظهر من المولود في هذه المدة الرغبة في التزوج والنكاح، وطلب الشهوات والتمتع باللذات، ومحبة الزينة والحسن والجمال ... والانهماك في الشهوات إلى مدة ما. ثم يصير في تدبير الشمس، صاحبة العز والرياسة والتدبير والسياسة عشر سنوات؛ ويظهر من المولود الكدخدائية في المنزل، وتربية الأولاد، وتأديب الأهل والجيران، ومراعاة أمر الأقرباء والإخوان، وطلب العز والسلطان والرفعة والعلو والشرف في المنزلة، وما شاكل ذلك ... ثم يصير في تدبير المريخ سبع سنوات، وهو صاحب الحزم والعزم والشجاعة ... والإنصاف والعزة. وبالجملة كل خصلة لا بد منها لساسة الأمور، وقادة الجيوش، ورعاة الجماعات، ومدبري الملك والناموس جميعا ...
ثم يصير المولود في تدبير المشتري اثنتي عشرة سنة، وهو صاحب الدين والورع، والتوبة والندامة، والزهد والعبادة، والرجوع إلى الله، جل ثناؤه، بالصوم والصلاة، وطلب الآخرة والرغبة فيها ... فإن اجتهد الإنسان وفعل ما رسم في الشريعة من لزوم أحكامها ومفروضاتها، وعمل بما وصف في الفلسفة وصبر عليه مدة ما، فعما قليل يخف عليه كل ما هو فيه من تجاذب الطبيعتين المتضادتين، إلى أن يصير التدبير إلى زحل بعد إحدى عشرة سنة، وهو صاحب السكون والهدوء والكسل، وجمود نيران الشهوات الجسمانية، وذهاب القوى الحيوانية، واسترخاء الأعصاب، وذبول الآلات الجسدانية ... فعند ذلك تقل رغبته في هذه الدنيا، وينقطع طمعه في المقام في عالم الكون والفساد. ثم يجيئه الموت الطبيعي على التدريج إذا انطفأت الحرارة الغريزية من البدن، وانسلت الروح الحيوانية من الجسد، كما ينطفئ السراج ويذهب الضوء إذا فني الدهن واحترقت الفتيلة.
Halaman tidak diketahui