Jalan Ikhwan Safa: Pengenalan kepada Gnosis Islam
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genre-genre
ولما تبين أن أكثر أمور الإنسان ، وتصرف أحواله مثنوية متضادة، من أجل أنه جملة مجموعة من جوهرين متباينين، جسد جسماني ونفس روحانية، صارت قنيته أيضا نوعين: جسمانية كالمال ومتاع الدنيا، وروحانية كالعلم والدين. وذلك أن العلم قنية للنفس كما أن المال قنية للجسد، وكما أن الإنسان يتمكن بالمال من تناول اللذات من الأكل والشرب في الحياة الدنيا، فهكذا بالعلم ينال الإنسان طريق الآخرة وبالدين يصل إليها، وبالعلم تضيء النفس وتشرق وتصح، كما أن بالأكل والشرب ينمى الجسد ويزيد ويربو ويسمن. فلما كان هكذا، صارت المجالس أيضا اثنين: مجلس للأكل والشرب، واللهو واللعب، واللذات الجسمانية من لحوم الحيوان ونبات الأرض، لصلاح هذا الجسد المستحيل الفاسد الفاني، ومجلس للعلم والحكمة وسماع روحاني، من لذة النفوس التي لا تبيد جواهرها ولا ينقطع سرورها في الدار الآخرة ... فلما كانت المجالس اثنين صار أيضا السائلون اثنين، واحد يسأل حاجة من عرض الدنيا لصلاح هذا الجسد ولجر المنفعة إليه، أو لدفع المضرة عنه، وواحد يسأل مسألة من العلم لصلاح أمر النفس وخلاصها» (6: 1، 260-261).
والجسد والنفس مرتبطان إلى درجة أن آلام الجسد ولذاته تلحق النفس، ولكن آلام النفس ولذاتها لا تلحق الجسد: «اعلم أن جميع اللذات التي تجدها النفس الإنسانية نوعان: منها ما تجدها بمجردها، ومنها ما تجدها بتوسط الجسد. و[ما تجده بتوسط الجسد] هي سبعة أنواع: أحدها المدركات باللمس بطريق النظر من محاسن الألوان والأشكال والنقوش والتصاوير والأصباغ الطبيعية منها والصناعية جميعا؛ والثاني المدركات بطريق السمع من الأصوات والألحان والنغم والمدح والثناء وما شاكلها، والثالث المدركات بطريق الذوق من الطعوم الموافقة لشهواتها، والرابع الملموسات المقوية لأخلاط جسدها، والخامس المشمومات الملائمة لمزاج أخلاطه، والسادس لذة الجماع؛ والسابع لذة الانتقام. وهذه كلها لذات تجدها النفس بتوسط الجسد مرتين: إحداهما عند مباشرة الحواس لها، والأخرى عند ذكرها [= تذكرها] بعدها. مثال ذلك: إذا رأى المرء وجها حسنا، أو زينة من محاسن الدنيا، فإن النفس تجد عند رؤيتها سرورا لها ولذة ، ثم إذا غابت عن رؤية العين بقيت تلك المحاسن مصورة في فكر النفس، وكلما لمحت هي ذاتها ونظرت إلى جوهرها رأت تلك الرسوم المصورة في فكرها، فسرت بها والتذت، وتذكرت تلك المحسوسات، وهكذا سائر المحسوسات ... وليس التفكر والتذكر شيئا سوى لمحات النفس ذاتها ونظرها إلى جوهرها، ورؤيتها رسوم تلك المحسوسات مطبوعة في ذاتها كما ينطبع نقش الفص في الشمع المختوم. فهذه الملاذ والآلام وإن كانت لا تصل إلى النفس إلا بتوسط الجسد، فقد نجدها بعد غيبة المحسوسات عن مباشرة الحواس لها، فيدل هذا على أن النفس لها لذة تجدها بعد مفارقة الجسد أيضا كما تجد لذة المحسوسات بعد مفارقتها وغيبتها.
أما اللذات الروحانية التي تجدها النفس بمجردها فهي ... ما تجده من اللذة والسرور والفرح عند تصورها حقائق الموجودات من المحسوسات والمأكولات جميعا؛ والثانية ما تجده عند اعتقادها الآراء الصحيحة ومذاهبها الحميدة؛ والثالثة ما تجده عند عذوبة أخلاقها الكريمة وعاداتها الجميلة، والرابعة ما تجده من الفرح والسرور واللذة عند ذكر أعمالها الزكية وأفعالها الخيرة. وهذه اللذات مشتركة بين الإنسان وبين الملائكة، وأضدادها من الآلام، مشتركة بين الإنسان والشياطين.
وأما بيان ما يلحق النفوس من اللذة والألم في اعتقاداتها ومعارفها وجهالاتها وأخلاقها وأعمالها، فاعلم أن الإنسان إذا كانت أعماله سيئة وأفعاله قبيحة، فإن نفسه تكون مرتابة مرعوبة مضطربة متألمة، كما ذكر تعالى في صفة المنافقين فقال: ... يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله ...
18
فإذا كانت أعمالهم صالحة وأفعالهم جميلة، فإن نفوسهم أبدا تكون ساكنة هادئة مستريحة.
وهكذا، إذا كانت أخلاق الإنسان جميلة وسجاياه سهلة، ومعاملته طيبة، ومخالطته عذبة، فإن نفسه تكون أبدا في القلوب محبوبة ومن الغوائل آمنة. وإن كانت أخلاقه شرية، وطباعه وحشية، وهمته سبعية، يكون من يصحبه أبدا في عناء، وهو من نفسه في جهل وبلاء. فهكذا حكم الاعتقادات والآراء، وذلك أن بعضها مؤلم لنفوس معتقديها ومحير ومشكك ... مثل من يعتقد أن ربه قتلته اليهود، ومثل من يعتقد أن إمامه مختف من خوف مخالفيه، ومثل من يعتقد أن رب العالمين خلق خلقا وناصبهم العداوة وهو إبليس وجنوده، ومثل من يعتقد أن رب العالمين حقود حنق يغتاظ على الكفار والعصاة من خلقه، ومثل من يرى ويعتقد أن أمر العالم غير منتظم، وأن مدبره وصانعه قد أهمل أمر عالمه حتى يجري فيه أشياء على غير مراده ومشيئته، ومثل من يرى ويعتقد أن رب العالمين الغفور الرحيم يأمر الملائكة بأن يأخذوا الكفار والعصاة ويرموا بهم في خندق من النار، وكلما احترقت جلودهم وصاروا فحما ورمادا أعاد فيها الرطوبة والحياة ليذوقوا العذاب، ومثل من يعتقد أنه يباشر في الجنة مع الأبكار ويلتذ منها ويزيل البكارة، ثم تعود البكارة، ومثل من يعتقد أنه يتمنى في الجنة الطيور المشوية فيتحصل بعد تمنيه في الحال، ثم يأكل منها حتى الشبع، ثم بعد ذلك تطير الطيور كما تطير في حال الحياة، ومثل من يعتقد أن الإنسان إذا مات بطلت نفسه ووجودها، ومثل من لا يرجو الجنة إلا بعد خراب السماوات وطيها كطي السجل للكتب، ومثل من يعتقد أن أعمال الإنسان تجعل في كفتين من كفتي الميزان، ومثل من يعتقد ويرى أن في الجحيم تنانين وثعابين وأفاعي يأكلون الفساق، ويصيرون أحياء بعد ذلك، وما شاكل هذه من الاعتقادات المؤلمة لنفوس معتقديها. مع أن جميع ما نطق به الأنبياء عليهم السلام، من صفة الجنة ونعيم أهلها وعذاب النار والعقاب وأحوال القيامة كلها حق وصدق ولكن ليس كما يرى هؤلاء، بل أمر وراء ذلك لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم.
وأما من يرى ويعتقد ويعلم أن للعالم بارئا حكيما، قادرا حليما، جوادا كريما، غفورا رحيما، وأنه قد أحكم أمر عالمه على أحسن نظام، ولم يترك فيه خللا، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا يرى في خلق الرحمن من تفاوت، فإن نفسه ساكنة هادئة مستريحة من الألم والآراء الفاسدة وأوجاع الاعتقادات الزائفة، ومن وحشة ظلمات الجهالات المتراكمة، وهو في راحة من نفسه والخلق في راحة منه؛ ومن جهة في أمان لا يريد بأحد سوءا، ولا يرى له فضلا عليهم، ولا يطالبهم بحق، ولا يشكوهم من جفاء، ولا يصيبهم منه أذى. فهذه صفة إخواننا الكرام.
فهل لك يا أخي أن ترغب في صحبتهم، وتتبع منهاجهم، وتسير سيرتهم، وتتخلق بأخلاقهم، وتنظر في علومهم وسياستهم، لتعرف أسرارهم واعتقاداتهم، أو تحضر مجلسهم لتسمع كلامهم وأقاويلهم، أو تقرأ رسائلنا هذه لعلك توفق لفهم معاني ما تضمنته، وتنتبه لنفسك من نوم الغفلة، وتستيقظ من رقدة الجهالة، وتنفتح لك عين البصيرة، فتحيا حياة العلماء، وتعيش عيش السعداء، وتصعد إلى ملكوت السماء» (30: 3، 68-73).
في الفصل الأول من هذا الكتاب، وفي القسم الخاص بتكون الحيوان أوردنا هذا المقطع لإخوان الصفاء: «واعلم يا أخي بأن الحيوانات التامة الخلقة كلها كان بدء تكونها من الطين أولا، من ذكر وأنثى توالدت وتناسلت، وانتشرت في الأرض سهلا وجبلا، وبرا وبحرا، من تحت خط الاستواء، حيث يكون الليل والنهار متساويين، والزمان أبدا معتدلا هناك بين الحر والبرد والمواد المتهيئة لقبول الصورة موجودة دائما. وهناك أيضا تكون أبونا آدم أبو البشر وزوجته، ثم توالدا وتناسلت أولادهما، وامتلأت الأرض منهم» (22: 2، 181-182). وهذا يعني أن آدم الجسماني لم يعرف الجنة الروحية قط، وإنما عرفها آدم الروحاني، وهو رمز يستخدمه الإخوان للدلالة على النفس وهبوطها من عالمها النوراني وحلولها في الأجسام. نقرأ في الرسالة الثانية على سبيل المثال قولهم: «واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه ينبغي لك أن تتيقن بأنك لا تقدر أن تنجو وحدك مما وقعت فيه من محنة هذه الدنيا وآفاتها بالجناية التي كانت من أبينا آدم، عليه السلام» (2: 1، 100) وفي الرسالة 15: «واعلم أن نفسك هي إحدى تلك الصور، فاجتهد في معرفتها لعلك تخلصها من بحر الهيولى وهاوية الأجسام، وأسر الطبيعة التي وقعنا فيها بجناية كانت من أبينا آدم، عليه السلام، حين عصا ربه فأخرج هو وذريته من الجنة التي هي عالم الأرواح، وقيل لهم: ... اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون
Halaman tidak diketahui