Jalan Ikhwan Safa: Pengenalan kepada Gnosis Islam
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genre-genre
ثم اعلم يا أخي بأن الحيوانات كلها متقدمة الوجود على الإنسان بالزمان؛ لأنها له ولأجله، وكل شيء هو من أجل شيء آخر فهو متقدم الوجود عليه. هذه الحكمة في أولية العقل لا تحتاج إلى دليل من المقدمات ونتائجها؛ لأنه لو لم يتقدم وجود هذه الحيوانات على وجود الإنسان لما كان للإنسان عيش هنيء ولا نعمة سائغة، بل كان يعيش عيشا نكدا ...
واعلم يا أخي بأن الحيوان هو جسم متحرك حساس يتغذى وينمو ويحس ويتحرك حركة مكان، وأن من الحيوان ما هو في أشرف المراتب مما يلي رتبة الإنسانية، وهو ما كانت له الحواس الخمس والتمييز الدقيق وقبول التعليم. ومنه ما هو في أدون رتبة مما يلي النبات، وهو كل حيوان ليس له إلا حاسة اللمس حسب، كالأصداف وما كان كأجناس الديدان كلها تتكون في الطين أو في الماء أو في الخل أو في لب الثمر ... وهذا النوع من الحيوانات أجسامه لحمية وبدنه متخلخل وجلده رقيق، وهو يمتص المادة بجميع بدنه بالقوة الجاذبة، ويحس باللمس وليس له حاسة أخرى. وهو سريع التكون وسريع الهلاك والفساد والبلى ... ومنها ما هو أتم وأكمل، وهو كل حيوان له لمس وذوق وشم، وليس له سمع ولا بصر، وهي الحيوانات التي تعيش في قعر البحار والمياه والمواضع المظلمة. ومنها ما هو أتم وأكمل، وهو كل حيوان من الهوام والحشرات التي تدب في المواضع المظلمة، له لمس وذوق وسمع وشم ، وليس له بصر، مثل الحلمة ... ومنه ما هو أتم بنية وأكمل صورة، وهو ما له خمس حواس كاملة، ثم يتفاضل في الجودة والدون ...
واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن أبدان الحيوانات التامة الخلقة، والناقصة الخلقة جميعا، مؤلفة ومركبة من أعضاء مختلفة ... وما من عضو في أبدان الحيوانات صغيرا كان أم كبيرا إلا وهو خادم لعضو آخر، ومعين له ... مثال ذلك الدماغ في بدن الإنسان، فإنه ملك الجسد، ومنشأ الحواس، ومعدن الفكر، وبيت الرؤية، وخزانة الحفظ، ومسكن النفس، ومجلس محل العقل. وإن القلب خادم للدماغ ومعينه في أفعاله، وإن كان هو أمير الجسد، ومدبر البدن، ومنشأ العروق الضوارب، وينبوع الحرارة الغريزية. وخادم القلب ومعينه في أفعاله ثلاثة أعضاء أخرى، وهي الكبد والعروق الضوارب والرئة ...
وهكذا أيضا حكم الرئة بيت الريح، يخدمها ويعينها في أفعالها أربعة أعضاء أخرى، وهي الصدر والحجاب والحلقوم والمنخران. وذلك أن من المنخرين يدخل الهواء المستنشق إلى الحلقوم، ويعتدل فيه مزاجه، ويصل إلى الرئة ويتصفى فيها، ثم يدخل إلى القلب ويروح الحرارة الغريزية هناك، وينفذ من القلب إلى العروق الضوارب، ويبلغ إلى سائر أطراف البدن الذي يسمى النبض، ويخرج من القلب الهواء المحترق إلى الرئة، ومن الرئة إلى الحلقوم، ومن الحلقوم إلى المنخرين أو إلى الفم.
11
والصدر يخدم الرئة في فتحه لها عند استنشاق الهواء، وضمه إياها عند خروج النفس. والحجب تحفظ الرئة من الآفات العارضة لها عند الصدمات والدفعات واضطراب أحوال البدن.
وهكذا حكم الكبد تخدمه المعدة بانضمام الكيموس قبل وصوله إليه ... وتخدمه المرارة بجذب المرة الصفراء إلى نفسها وتصفية الدم منها، وتخدمه الكليتان بجذب الرطوبة الرقيقة اللينة منها إلى نفسها، وهو الذي يكون منه البول؛ وتخدمه العروق المجوفة بجذب الدم إليها وإيصاله إلى سائر أطراف الجسد، الذي هو مادة لجميع أجزاء البدن ... وعلى هذا المثال والقياس سائر الأعضاء. والغرض الأقصى منها كلها هو بقاء الشخص وتتميمه وتبليغه إلى أكمل حالاته» (22: 2، 180-191).
بعد ذلك يدخل الإخوان في تفاصيل مطولة عن حيوان البر وحيوان الماء وطيور الجو، ويبحثون في أجناسها وأنواعها وسلوكها، مما لا يتسع المجال لذكره هنا.
لقد رأينا في عرضنا لتكوين المولدات الجزئيات كيف تعمل قوى الكواكب من خلال الأركان الأربعة على توليد المعادن والنبات والحيوان. ولكن للكواكب أفعال أخرى في الكائنات التي دون فلك القمر. سوف نعمل على شرحها فيما يأتي.
أفعال الكواكب في عالم الكون والفساد «واعلم يا أخي بأن جسم العالم بأسره بمنزلة جسم إنسان واحد، وأن جميع أفلاكه وطبقات سماواته وكواكب أفلاكه وأركان طبائعه ومولداتها، من جملة جسمه، بمنزلة أعضاء بدن إنسان واحد ومفاصل جسده؛ فإن نفسه تدير أفلاكه وتحرك كواكبها بإذن الباري، جل وعز، كما تحرك نفس إنسان واحد أعضاء جسده ومفاصل بدنه؛ وإن للنفس بحركات كواكبه فيما دون فلك القمر من الأركان ومولداتها، أفعالا فيها وبها ومنها لا يحصي عددها إلا الله سبحانه ... فكما أن في الجسد سبع قوى فعالة بها قوام أمر الجسد وصلاح حاله، وهي: القوة الجاذبة، والقوة الماسكة، والقوة الهاضمة، والقوة الدافعة، والقوة الغاذية، والقوة النامية، والقوة المصورة. ولكل قوة من هذه عضو مخصوص من الجسد، منه تسري القوة إلى جميع أعضاء الجسد، وبه تظهر أفعالها في البدن، وهي المعدة والكبد والقلب والدماغ والرئة والطحال والمرارة [عددها 7]. فكما أن من هذه الأعضاء تبث هذه القوى في البدن، وتنشر أفعالها في الجسد، فهكذا حكم أفعال هذه الكواكب السبعة في الفلك؛ وكما أن من إفراط أفعال هذه القوى ونقصانها يعرض في البدن الاضطراب والتألم، فهكذا من إفراط تأثيرات هذه الكواكب ونقصان أفعال قوتها تكون المناحس والفساد في عالم الكون. وشرح أحكام النجوم طويل ... ولكن نذكر منها طرفا فنقول:
Halaman tidak diketahui