Jalan Ikhwan Safa: Pengenalan kepada Gnosis Islam
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Genre-genre
واعلم أن الإمامة إنما هي خلافة، والخلافة نوعان: خلافة النبوة وخلافة الملك ... ونحتاج إلى أن نذكر أولا خصال النبوة قبل خصال الملك فنقول: إن أول خصال النبوة الوحي ... ثم إظهار الدعوة في الأمة، ثم تدوين الكتاب المنزل بالألفاظ الوجيزة، وتبيين قراءته في الفصاحة، ثم إيضاح تفسير معانيه وبلوغ تأويله، ثم وضع السنن المركبة ... وإجراء السنة في الشريعة ... وتفصيل الحدود والأحكام في أمور الدنيا جميعا ... وما شاكل هذه الخصال ... فأما خصال الملك فأولها أخذ البيعة على الأتباع المستجيبين ... وجباية الخراج والعشر والجزية من الملة، وتفريق الأرزاق على الجند والحاشية، وحفظ الثغور ... وقبول الصلح والمهادنة من الملوك والرؤساء ... وما شاكل هذه الخصال ...
ثم اعلم أنه ربما تجتمع هذه الخصال في شخص واحد من البشر في وقت من الزمان، فيكون هو النبي المبعوث وهو الملك، وربما تكون في شخصين اثنين: أحدهما النبي المبعوث إلى تلك الأمة، والآخر المسلط عليهم. واعلم أنه لا قوام لأحدهم إلا بالآخر كما قال ملك الفرس أزدشير في وصيته: إن الملك والدين توأمان لا قوام لأحدهما إلا بالآخر ...
ثم اعلم أن الله تعالى قد جمع لنبيه محمد، عليه الصلاة والسلام والتحية، خصال الملك والنبوة جميعا ... ولما أضاف إلى نبوته الملك، لم يضفها لرغبته [أي النبي] في الدنيا وحرصه عليها، ولكن أراد الله تعالى أن يجمع لأمته الدين والدنيا جميعا، وكان القصد الأول هو الدين، والملك عارض لأسباب شتى، أحدها أنه لو كان الملك في غير أمته لم يكن يؤمن أن يردهم عن دينهم أو يسومهم سوء العذاب من كان مسلطا عليهم، مثلما كان يفعل فرعون ببني إسرائيل ... وخصلة أخرى هي أن الناس في طباعهم وجبلتهم لا يرغبون إلا في دين الملوك، ولا يرهبون إلا منهم. وبهذه الخصال وخصال أخرى يطول شرحها جمع الله الملك والنبوة لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام والتحية والرضوان ... واعلم يا أخي أن الله تعالى قد جمع لمحمد، عليه السلام، الملك والنبوة، وأيده بروح منه، حتى إنه قام بواجب حقهما لما خصه الله به من الجبلة القوية والقوة المتينة، كما قال تعالى:
وإنك لعلى خلق عظيم
1
وقل من يكون كذلك؛ لأن النبوة تتم بنيف وأربعين خصلة من فضائل البشرية» (42: 3، 493-497).
وأيضا: «... وأما سبب اختلافهم في الأئمة الذين هم خلفاء الأنبياء، عليهم السلام، في أممهم بعدهم، فمن أجل أن صاحب الناموس يحتاج في وضعه للناموس وتتميمه وتكميله إلى نيف وأربعين خصلة من الفضائل البشرية والملكية جميعا؛ فإذا أحكم صاحب الناموس أمر الشريعة وسنن الدين ومنهاجه، وبين المنهاج وأوضح الطريق، ومضى لسبيله، بقيت الخصال وراثة في أصحابه وأنصاره الفضلاء من أمته، ولكن لا تكاد تجتمع كلها أجمع وراثة في واحد منهم، ولا يخلو أحد من شيء منها» (42: 3، 489).
في هذين المقطعين يقوض الإخوان الأسس التي تقوم عليها نظرية الإمامة. فالإمامة هي خلافة نبوة وخلافة ملك، والنبوة والملك يحتاجان إلى ما يزيد عن أربعين خصلة لن تجتمع لشخص واحد بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم . وإنما تتفرق في الجيل الأول من أصحاب الرسول وفضلاء أمته: «فإذا اجتمعت تلك الأمة، بعد وفاة نبيها، وتعاونت وتعاضدت وتناصرت مع ائتلاف القلوب ... بقوا هادين راشدين منصورين على أعدائهم، سعداء في الدنيا والآخرة جميعا. ثم إذا مضى أولئك على منهاج الذين تقدموهم، خلفهم من بعدهم قوم آخرون من ذرياتهم وتلامذتهم، متمسكين بسننهم في أي بلد كانوا، وأي منازل نزلوا، هادين راشدين» (42: 3، 489). وأغلب الظن هنا أن الإخوان يشيرون إلى أنفسهم وتنظيمهم الذي يقوم بجميع مهام الإمامة، وإلى مذهبهم الذي يقوم على حكم العقل، فقد قالوا في موضع آخر: «واعلم أنه ما من جماعة تجتمع على أمر من أمور الدين والدنيا ... إلا ولا بد لها من رئيس يرأسها ليجمع شملها ويحفظ نظام أمرها ... ونحن قد رضينا بالرئيس على جماعة إخواننا، والحكم بيننا، العقل الذي جعله الله تعالى رئيسا على الفضلاء من خلقه الذين هم تحت الأمر والنهي، ورضينا بموجبات قضاياه على الشرائط التي ذكرناها في رسائلنا وأوصينا بها إخواننا، فمن لم يرض بشرائط العقل وموجبات قضاياه ... فعقوبته في ذلك أن نخرج من صداقته ونتبرأ من ولايته ...» (47: 4، 127).
وأيضا: «واعلم أن العقلاء الأخيار إذا انضاف إلى عقولهم القوة بواضع الشريعة، فليس يحتاجون إلى رئيس يرأسهم ويأمرهم وينهاهم ويزجرهم ويحكم عليهم؛ لأن العقل والقدرة لواضع الناموس يقومان مقام الرئيس الإمام، فهلم بنا أيها الأخ أن نقتدي بسنة الشريعة، ونجعلها إماما لنا ...» (47: 4، 137).
Halaman tidak diketahui