273

Jalan Dua Hijrah

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

Editor

محمد أجمل الإصلاحي

Penerbit

دار عطاءات العلم (الرياض)

Edisi

الرابعة

Tahun Penerbitan

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lokasi Penerbit

دار ابن حزم (بيروت)

Genre-genre

Tasawuf
النفاة، لأنَّ النفاة إنَّما نفوه تنزيهًا للرب تعالى وتعظيمًا له أن يقدّر الذنب ثمَّ يلوم عليه ويعاقب، ونزهوه أن يعاقِبَ العبد على ما لا صُنعَ للعبد فيه البتة، بل هو بمنزلة طوله وقصره وسواده وبياضه وحوَله (^١) ونحو ذلك. كما يحكى عن بعض الجبرية أنَّه حضرَ مجلسَ بعض الولاة فأتيَ بطرَّار (^٢) أحوَل، فقال له الوالي: ما ترى فيه؟ فقال: اضربه خمسة عشر سوطًا (^٣). فقال له بعض الحاضرين ممن ينفي الجبر: بل ينبغي أن يُضْرَب ثلاثين سوطًا: خمسة عشر لِطرِّه، ومثلها لِحَوَله. فقال الجبري: كيف يُضْرَب على الحَوَل، ولا صنع له فيه؟ فقال: كما يضرب على الطرّ، ولا صنع له فيه عندك، فبُهِتَ الجبري.
وأمَّا القدرية الإبليسية والمشركية فكثيرٌ منهم منسلخ من (^٤) الشرع، عدوٌّ للَّه ورسله، لا يُقِرّ بأمرٍ ولا نهي. وتلك وراثة عن شيوخه (^٥) الذين قال اللَّه فيهم: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨)﴾ [الأنعام/ ١٤٨].
وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى

(^١) "وحوله" لم يرد في: "ك، ط".
(^٢) الطرّار: النشّال يشن ثوب الرجل ويسُلّ ما فيه.
(^٣) "ك، ط": "يعني سوطًا".
(^٤) "ك، ط": "عن".
(^٥) "ك، ط": "شيوخهم".

1 / 187