فأجاب الرجل مندهشا: لا أدري عن ذلك شيئا! - ولكنك تفرق ولا شك بين الشباب والكهولة؟ - إنه أستاذ بالكلية. - وهل هو متزوج؟
أعلن التمرجي عن مدى استغرابه بضحكة، ثم قال: متزوج وأب، وله ابن طالب بالكلية.
عقبة! وأي عقبة تعترض أمله في القبول! وسيكون للأسرة رأي في العضو الجديد القادم من ماخور، ولا مؤهل له غير جماله المبذول للفجور. ولكن إصراره بلغ المنتهى. وجاء المرضى تباعا حتى امتلأت الحجرات. ثم دعاه التمرجي إلى حجرة الكشف. ونفخ سحب القلق والوساوس ودخل. رأى وجها لا يمكن أن يرجع بحال إلى أصل الصورة التي يحملها، ولكن من يتصور أن أمه - في آخر ليلة لها - يمكن أن ترجع إليها؟ وجلس أمام مكتب الدكتور وراح يجيب على أسئلته التي شرع في تدوينها في دفتر كبير: اسمي صابر سيد سيد الرحيمي.
ضحك الدكتور قائلا: عال، أنت إذن ابني، وما عمرك؟ - الواقع أنني لا أشكو مرضا على الإطلاق.
فحدجه بنظرة متسائلة، فقال: إني أبحث عن سيد سيد الرحيمي. - عني أنا؟ - لا أدري ولكن تفضل بالنظر في هذه الصورة.
تفحصها الدكتور، ثم هز رأسه بالنفي. - ليست صورة حضرتك؟
ضحك قائلا: بالتأكيد لا، ومن هذه الفتاة الجميلة؟ - أليس بأحد من أقربائك؟ لاحظ أن تاريخها يرجع إلى ثلاثين عاما مضت. - ولا هي لأحد أقربائي. - حضرتك من أسرة الرحيمي؟ - والدي سيد الرحيمي، كان موظفا بالبريد. - أليس للأسرة فروع لم تعرفها؟ - أسرتي محدودة أصلا وفرعا.
قام يائسا وهو يقول: آسف على إزعاجك، ولكنك ربما سمعت عن أحد الوجهاء بهذا الاسم؟ - لا أعرف وجيها بهذا الاسم، ولكن ما الحكاية بالضبط؟ - الحكاية أني أبحث عن وجيه يدعى سيد سيد الرحيمي، صاحب هذه الصورة منذ ثلاثين عاما. - لعله هنا أو هناك، وأنا على أي حال لست مرجعا في هذه الشئون.
وقضت نبراته بإنهاء الحديث؛ فحياه وانصرف. دخل أول قهوة صادفته فجلس إلى البار، ثم طلب براندي. ها هو يبدأ من جديد. وما إغراء دليل التليفون إلا خدعة سخيفة. وتبدد التفاؤل الوهمي الذي اجتاحه منذ رأى زوجة عم خليل. وتذكر سلسلة الأبحاث التي قام بها في الإسكندرية من الشهر العقاري، ومشايخ الحارات، وأولياء الله، ولكنه يحتاج لإعادة ذلك إلى مرشد ولا أحد له في القاهرة. لذلك استحسن أن يبدأ بالإعلان، ولعله أرخصها، وأسهلها، وأجداها. ونظر إلى الساقي العجوز وسأله: ألم تسمع عن سيد سيد الرحيمي؟ - دكتور في العمارة التالية. - كلا، أعني الوجيه سيد سيد الرحيمي؟
ردد الخواجا الاسم كأنه يلوكه في ذاكرته، ثم قال: لا أذكر زبونا بهذا الاسم. - ألم يحدث لك أن بحثت عن شخص وأنت تجهل مقامه؟
Halaman tidak diketahui