Zaman Kemakmuran: Sejarah Bangsa Arab (Bahagian Kelima)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Genre-genre
وأما «محمد» فكان أصغرهم ولم يكن من الشهرة ما لإخوته، ولكن كان إليه أمر الاتصال بالناس وتبيين فضل البرامكة وتثبيت مكانتهم لدى العامة.
ولما نكب الرشيد البرامكة عهد بوزارته إلى أبي العباس الفضل بن الربيع الذي كان حاجبا للمنصور ثم المهدي والهادي والرشيد، وكان عارفا بشئون الدولة حسن التدبير والإدارة وحب العلم، وفي عهده ازدهرت الحركة العلمية والأدبية لما كان يميل إليه من حب الأدب والعلم، وقد استمر في وزارته إلى أن مات الرشيد.
ويظهر أن الرشيد لم يكن في أول الأمر متشددا في محاسبة عماله أو في إدارتهم، ولا أدل على ذلك من قصة علي بن عيسى بن ماهان الذي عاث في البلاد فسادا، ولكنه كان يبقيه في عمله لرضاه عنه، وكذلك كان «يحيى» و«الفضل» و«جعفر» و«موسى» يتصرفون في الأعمال تصرفا مطلقا؛ يمنحون الأموال والبلاد طعمة سائغة إلى من يريدون دون رقيب أو حسيب، فقد ذكر الطبري في حوادث 178ه أن الفضل لما شخص إلى خراسان أميرا عليها منح ولاية سجستان وخراجها لإبراهيم بن جبريل استرضاء له، ولم يكتف بذلك، بل زاده أموالا وهدايا جليلة، وهناك شواهد أخرى كثيرة تؤيد ما ذهبنا إليه، ولكن على الرغم من هذا فإن الرشيد اهتم بأشياء أخرى لها علاقة بالإدارة نذكر منها:
عنايته بالقضاء وأهله
فقد استحدث منصب «قاضي القضاة»، وأقام قضاة في كل أرجاء الإمبراطورية الإسلامية العظمى للقضاء بين الناس وكتابة العقود (مقدمة ابن خلدون، ص225) ونظام القضاة، وإن كان قديما يرجع إلى عهد الخلفاء الراشدين، إلا أن الرشيد هو أول من نظم شئونهم وأوجد منصب قاضي القضاة، وعهد به إلى الإمام أبي يوسف صاحب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وأعتقد أن منصب قاضي القضاة هذا هو بمثابة «وزير العدل» في أيامنا، فقد كان يقيم إلى جانب الخليفة يفتيه في مسائل الدولة الدينية والدنيوية، ويتولى أمر تسمية القضاة في الأمصار التابعة للإمبراطورية وينوبون فيها عنه، وفي هذا الوقت اتسعت سلطة القضاة، فبعد أن كانوا ينظرون في الخصومات والقضايا المدنية والجنائية صاروا يفصلون في قضايا الأوقاف والوصاية والمظالم والحسبة، والإشراف على «بيت المال» وأموال الأيتام (راجع كتاب «النظم الإسلامية» للدكتور حسن إبراهيم، ص336؛ وكتاب «ديمومبين»، ص203).
عنايته بالأمن في العاصمة والأقاليم
فقد اهتم الرشيد اهتماما كبيرا بحفظ الأمن وطمأنينة الناس في العاصمة والأقاليم، فكان يوصي أصحاب الأخبار بأن ينقلوا إليه بسرعة وأمانة كل ما يتعلق بشئون الأمة وأخبار الناس وأحوالهم؛ ليكون على اطلاع بما يجري في أرجاء مملكته، وكان المشرف المباشر على هذه الناحية من الإدارة هو «صاحب الشرطة»، وقد اختار الرشيد بنفسه لهذا المنصب رجلا عرف بالنزاهة والنبل وهو «عبد الله بن مالك»، فقد كان من دهاة الرجال وعقلائهم وأصحاب العلم والفضل، قال صاحب «حضارة الإسلام في دار السلام، ص134» متحدثا عن الرشيد: «نظر في صلاح الوزراء ودس فيها العيون بإمرة عبد الله بن مالك (صاحب الشرطة)؛ لملافاة الخلل الذي يطرأ عليها من وفود الأغراب واختلاطهم، وأقام العسس بالليل لمحافظة الدروب إلى أن وقع الأمن في أحيائها وخيم السلام على أرباضها.» ويقول ابن خلدون في المقدمة (ص218)، في معرض حديثه عن وظيفة صاحب الشرطة: «وكان أصل وضعها في الدولة العباسية لمن يقيم أحكام الجرائم في حال استبدائها أولا، ثم الحدود بعد استيفائها، فإن التهم التي تعرض في الجرائم لا نظر للشرع إلا في استيفاء حدودها، وللسياسة النظر في استيفاء موجباتها بإقرار يكرهه عليه الحاكم إذا احتفت به القرائن لما توجبه المصلحة العامة في ذلك، فكان الذي يقوم بهذا الاستبداء وباستيفاء الحدود بعده إذا تنزه عنه القاضي، ويسمى صاحب الشرطة.»
عنايته بتنظيم عمران العاصمة
وصلت العاصمة الإسلامية الكبرى في عهده إلى درجة رفيعة من حيث العمران والفخامة وكثرة الدور الجليلة والقصور الفخمة والمرافق العامة، قال الشيخ الخضري في محاضراته عن العصر العباسي: «وصلت بغداد في عصر الرشيد إلى قمة مجدها ومنتهى فخارها، أما من حيث العمران فقد فاقت كل حاضرة عرفت لعهدها، وبنيت فيها القصور الفخمة التي أنفق على بنائها مئات الألوف من الدنانير، وتأنق مهندسوها في إحكام قواعدها وتنظيم أمكنتها وتشييد بنائها.» وقال الخطيب البغدادي (في تاريخ بغداد، 1: ص119): «لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها وفخامة أمرها، وكثرة دورها ومنازعها ودروبها وشعوبها ومحالها وأسواقها وسككها وأزقتها ومساجدها وحماماتها وطرزها وخاناتها، وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظلالها وأفيائها، واعتدال صيفها وشتائها وصحة ربيعها وخريفها.» وقد أجاد صاحب «حضارة الإسلام في دار السلام» في وصف المدينة في صفحة 27 وما بعدها فليرجع إليه.
عنايته بتنظيم موارد الدولة المالية
Halaman tidak diketahui