Zaman Kesatuan: Sejarah Umat Arab (Bahagian Keempat)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genre-genre
ذكرنا في الباب الخامس من الفصل الأول شيئا عن أولية هذه الوظيفة. ونضيف هنا أن صاحب هذه الوظيفة هو المنفذ لأحكام صاحب المظالم والقاضي، وهو قسيم المحتسب؛ لأن كلا منهما له حق تنفيذ العقوبة، إلا أن صاحب الشرطة أقوى سلطانا من صاحب الحسبة، وإليه أمر استتباب الأمن في البلد، وحفظ النظام، والقبض على الجناة والمفسدين، وما إلى ذلك، أما صاحب الحسبة فوظيفته تتعلق برقابة أهل الفسق من الباعة والسوقة، وأمثالهم ممن يسيئون إلى الأعمال فيعاقبهم.
ولصاحب الشرطة أمر العسس في الليل، وكان عمر - رضي الله عنه - يعس بنفسه في الليل. وفي عهد علي انتظمت أمور صاحب الشرطة، وكان يختار من علية القوم وأمنائهم وأشرافهم. ويظهر أنها كانت تابعة للقاضي في أول الأمر، ثم انفصلت عنه في أواخر العصر الأموي، وأصبح صاحبها مستقلا بأموره.
وقد كان صاحب الشرطة مسئولا عن حراسة الخليفة والناس، كما كان له فروع في المدن الأخرى يتصلون به، فيوجههم الوجهات الصحيحة لاستتباب الأمن وحفظ النظام، والقبض على المجرمين والمفسدين، وتنفيذ قرارات القضاة وأصحاب المظالم.
قال ديمومين: ومنذ عهد الأمويين تلاحظ ظهور وظيفة صاحب الشرطة، الذي كان في نفس الوقت منفذ قرارات القاضي، فيما يتصل بالقانون الجنائي القرآني، كما كان حاكما لعدد من الجنح البسيطة غير محدود، كان يعاقب عليها آنيا، وقد راقب المجرمين وطاردهم؛ ليجلبهم إلى حضرة القاضي إن أمكن. وإلى حد كبير كانت الجنح البسيطة نسبيا تدخل ضمن اختصاص صاحب الشرطة، أما الجنح الأخرى وبعض مخالفات قانونية معينة فقد كان ينظر فيها حاكم خاص هو المحتسب.
50 (7) العاصمة والسكان: الأرض الإسلامية
قلنا في الفقرة التاسعة من الفصل الخامس للباب الأول شيئا عن العاصمة الأموية دمشق وتأثير حضارتها البيزنطية القديمة في تكوين الحضارة الأموية؛ ونضيف هنا أن هذه العاصمة كان لها أثر جبار واضح القسمات في إنشاء الحضارة الإسلامية الأموية وتطويرها؛ ففي القرن الذي كانت هي فيه حاضرة العالم الإسلامي، امتدت الفتوح من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، ومنها وجهت الرسائل والإرشادات والتعاليم والأنظمة إلى سائر أجزاء المملكة الإسلامية، وفي القرن الذي حكمت فيه دمشق العالم الإسلامي، وضعت جميع أسس النظم الإسلامية، وبدأت النزعات العقلية. ثم إن مواهب أهل دمشق خاصة، وسورية عامة قد لعبت دورا أساسيا في تكوين الحضارة الإسلامية، التي برعتها أيدي خلفاء عقلاء أذكياء كخلفاء بني أمية، وجهتها سيوف جند فاتحين من عدنان وقحطان استوطنوا الشام، وتوجهوا منه لفتح العالم ونشر الإسلام والعروبة، وعلى الرغم من ثورات الحجاز والعراق وخراسان وإفريقية، وعلى الرغم من فتن الأزارقة والصفرية والكيسانية وغيرهم من الفرق، فإن دمشق ظلت قوية صامدة، تمشي إلى هدفها الذي رسمته بكل حزم واتئاد. وقد كان لأهل دمشق من أصليين وفاتحين أثر فعال في تطوير الحضارة الإسلامية، وتدعيم أركان المدنية العربية، وكان مسجد دمشق وبلاطها مراكز إشعاع فكري وحضاري، وترفي وسياسي وعسكري. فمن هذين المشعلين استضاءت حواضر الأندلس وإفريقية ومصر والعراق وخراسان وبلخ ومرو وسمرقند وكشغر والسند، ومن هذين المركزين الثقافيين تعلمت رجال العالم الإسلامي طرق الحياة وأساليب الإدارة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن دمشق عدت أيام عبد الملك وأولاده وأحفاده كعبة القصاد؛ لما حبتها الدولة من مظاهر الفخامة، ولما أسدت إليها الطبيعة من رونق النضارة، وقد أكثر الخلفاء والأمراء والكبراء فيها من بناء القصور والدور والمعاهد والمساجد والحمامات والخانات والأسواق والمؤسسات العامة. وصفوة القول: إن العصر الأموي هو العصر الذي ازدهرت فيه بلاد الشام ازدهارا عجيبا، وخطت خطوات مدهشة في سبيل الحضارة. يقول البروفسور ديمومين: إن القرن الذي حكم خلاله الأمويون ليثير أشد الاهتمام دون شك، مع أنه أقل فترات التاريخ الإسلامي وضوحا في الأذهان؛ ففي هذا القرن وضعت جميع النظم الإسلامية، وبدأت كافة الاتجاهات الفكرية.
51
أما سكان الشام والأمصار الإسلامية الأخرى، فقد تطورت أحوالهم في هذا العهد تطورا واضحا، فالشام هو مسكن القوم الذين شدوا أزر الدولة في الداخل، وخرجوا بسيوفهم إلى الخارج يهدئون ثورات الثائرين، وينشرون لواء الدولة في الخافقين، ولولا العصبيات القبلية من يمانية ومضرية والفتن التي نشبت عن ذلك في المركز أو النواحي لكان لهؤلاء شأن آخر.
وأما العراق فهو موطن الشيعة العلوية، التي حز في نفوسها انتصار خصوم آل علي وابتزازهم الحق منهم، فكانت نفوسهم تغلي حقدا، وهم دوما إما في ثورة ناطقة أو في ثورة صامتة ضد آل أمية، ولولا الولاة الأشداء كزياد والحجاج وخالد ويوسف بن عمر وغيرهم من رجالات بني أمية لما هدأ العراق ولا استكان لأمية.
Halaman tidak diketahui