المحاكم والقوانين
لكل مقاطعة في بلاد الترنسفال محكمة ابتدائية تسمى «لندروست»، للحكم في القضايا المدنية التي لا تتجاوز قيمتها خمسمائة جنيه، وفي القضايا الجنائية التي لا يتجاوز الحكم فيها غرامة قدرها خمسة وسبعون جنيها، أو السجن أو الأشغال الشاقة لستة أشهر فقط، أو خمسة وعشرين جلدة، وتستأنف أحكام هذه المحاكم إلى محكمة عليا، يرأسها قاض من مجلس القضاء العمومي، وهذا المجلس مؤلف من قضاة منتخبين من ثلاث مقاطعات مختلفة، ومن ثمانية عشر عضوا من ثمانية عشر مقاطعة، ينظرون في القضايا الكبرى المهمة، إذا لم يقتنع أربابها بالأحكام الابتدائية والاستئنافية، ويرأس هذا المجلس رئيس الجمهورية ، وأحكامه نافذة على جميع القاطنين في بلاد الترنسفال. ولكل مقاطعة لجنة مشكلة من ثلاثة أعضاء منتخبين من أعيان البوير القاطنين فيها، وأصحاب أملاك بها للنظر في القضايا المختصة بالأراضي، ويحكمون بما يتراءى لهم، ثم يعلنون للمتنازعين الحكم الذي أصدروه، ويرفعون بذلك تقريرا لمجلس القضاء العمومي لتنفيذ حكمهم. وفي كل مقاطعة محكمة صغرى اسمها «فيلدكورنت»، للنظر في القضايا المنزلية والمنازعات التي تحدث ما بين المستخدمين والمخدومين، وتستأنف قضاياهم كغيرهم إلى المحكمة العليا، أو مجلس القضاء العمومي. وأما القضايا التي تكون بين الزنوج فقط؛ فإنها تنظر أمام لجنة مشكلة من بني جنسهم؛ إلا القضايا الكبرى، فإنها ترفع إلى المحكمة العليا، أو مجلس القضاء العمومي للنظر فيها بحسب ما يتراءى للنائب العمومي.
أما قوانينهم فعلى قاعدة القانون الروماني الهولندي.
تقسيم الحكومة
تنقسم حكومة الترنسفال إلى ثمانية عشر مقاطعة - كالمديريات في القطر المصري - ولكل مقاطعة حاكم خصوصي كالمدير، ينتخبه مجلس التنفيذ لمدة ثلاث سنوات، وتنقسم كل مقاطعة إلى أقسام أخرى كالمراكز، لكل قسم منها حاكم كمأمور المركز؛ لتحصيل الأمور الأميرية، وإدارة أشغال الضبط والربط والتنظيم، والإقرار على الطلبات التي يجب طلبها من الحكومة لمصالح البلاد. وفي أيام الحرب تكون له السلطة في تجنيد الشبان المطلوبين من قسمه، وحكام الأقسام المذكورة يكونون تحت سلطة حكام المقاطعات. ولكل مقاطعة مجلس يسمى مجلس المقاطعة، مؤلف من أعضاء منتخبين من الأقسام التابعة لها، وهذا المجلس يجتمع تحت رئاسة حاكم المقاطعة للنظر والإقرار على الطلبات التي يجب طلبها من الحكومة وفي ربط الضرائب، وينتخب من كل مقاطعة عضوين أو ثلاثة أعضاء من نخبة البوير، ينوبون عن الأهالي أمام الهيئة الحاكمة، ويتألف من هؤلاء المنتخبين مجلس الفولسكراد (مجلس النواب)، وأعضاؤهم اثنان وأربعون، كل منهم ينتخب لمدة أربع سنوات، يقضيها في عضوية المجلس المذكور، ولا يخول له الحق في الاستعفاء ما لم يكن قضى فيه سنتين، ومتى انسحب أحدهم ينتخب في الحال بدلا عنه من أهالي مقاطعته، ويشترط لقبول كل منتخب أن يكون متحصلا على الشروط الآتية وهي ؛ أولا: أن لا يقل عمره عن الثلاثين سنة. ثانيا: أن يكون مسيحيا تابعا للمذهب البروتستانتي. ثالثا: أن يكون من القاطنين في البلاد، وله أملاك فيها. رابعا: أن لا يكون أبوه أو أحد أبنائه منتخبا في ذلك المجلس. خامسا: أن لا يكون أحد أبويه غريب الجنسية. سادسا: أن لا يكون ضابطا في الجيش.
وهذا المجلس لا يمكن إلغاؤه إلا إذا أقر جميع الأعضاء على ذلك، وهو الذي ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات كاملة، ويمكن تجديد الانتخاب عند انتهاء كل مدة. وللرئيس المذكور الكلمة النافذة، ويقوم بمساعدته مجلس يسمى مجلس التنفيذ، ينتخب أعضاءه مجلس الفولسكراد، وهو مؤلف من وكيل الجمهورية الذي ينتخب لمدة عشر سنوات، ومندوب عن الزنوج ينتخب لمدة سنتين، ومن اثنين مستشارين من مجلس القضاء العمومي؛ لينوبا عنه مدة سنتين، ويرأس هذا المجلس رئيس الجمهورية، ولأعضاء مجلس التنفيذ كراسي مخصوصة في مجلس الفولسكراد، وليس لهم أصوات فيه، لكنهم ينظرون في آراء الأعضاء ومناقشاتهم، وما يتفقون عليه من الأمور العائد تنفيذها إلى رئيس الجمهورية وإليهم. ويرتبط بمجلس الفولسكراد المذكور مجلس يسمى الراد، وأكثر أعضائه من الأجانب الذين لا تقل مدة إقامتهم ببلاد الجمهورية عن أربع سنوات، وهذا المجلس مكلف بالنظر في أشغال المعادن والتجارة، وهو تحت رئاسة مجلس الفولسكراد الذي ينتخب أعضاءه، ولا يعتبرون الرجل وطنيا ما لم يكن مولودا في البلاد، ووالده من البوير، وأما الأجانب فينالون حقوق الوطنيين بعد إقامة أربعة عشر عاما في البلاد.
الجيش وقانون العسكرية
ليس للجمهورية قوة حربية تستحق الذكر، ومعظم ما عندها للدفاع عن البلاد، لا يزيد عن عشر بطريات وفرقة من الطوبجية، وفرقة من البوليس لحفظ النظام واستتباب الأمن، ومتى أرادت الجمهورية إشهار الحرب، فما على رئيسها إلا أن يستدعي جميع البوير واللائقين لحمل السلاح، فيلبون نداءه طائعين، فينتظم الجيش في الحال، بدون عناء ولا تعب ولا إضاعة وقت في التمرين؛ لأنهم جميعا يحسنون الرمي بالبنادق. وفي أيام الحرب تربط ضريبة قدرها عشرون جنيها إنكليزيا على كل صاحب حقل. ويعافى من الخدمة العسكرية أعضاء مجلس الفولسكراد والكهنة ومعلمو المدارس؛ ولكن عليهم أن يدفعوا مساعدة حربية قدرها خمسة عشر جنيها إنكليزيا. وإذا وقع الجيش في ضيق أثناء الحرب وقضت الحالة بتجنيدهم، فيمكن استدعاؤهم بواسطة مجلس عسكري ينعقد لذلك، وينتدبهم للانضمام في الجيش فيلبون نداءه. أما البوير التابعون للجمهورية وبعيدون عنها، فإذا لم يمكنهم الحضور للخدمة يعافون منها؛ ولكنهم لا يفرون من دفع المساعدة الحربية. أما الضباط فيعينهم رئيس الجمهورية ومجلس التنفيذ، بشرط أن يكونوا من نخبة البوير المشهورين بالمهارة، ويكون رئيس الجمهورية هو القائد العام، وأول تجنيدة تكون من الشبان الذين يبلغ سنهم من 18 إلى 24 سنة.
والتجنيدة الثانية من سن 34 إلى 50، وإذا احتاج الأمر إلى تجنيدة ثالثة فتطلب من سن 15 إلى 18، ومن 50 إلى 60، ولكن ذلك لا يأتي إلا إذا دعت الحاجة الشديدة إليه، وهذه التجنيدة الأخيرة تكون في مؤخرة الجيش. وعلى كل رجل من المنتخبين أن يجهز نفسه بالملابس اللازمة وبندقيته، وما يحتاج له من المئونة والزخرة. ويشترك في الخدمة العسكرية مع البوير بعض الزنوج الخاضعين للجمهورية، وهم يتحملون معظم أثقال الحرب، ويكونون في مقدمة الجيش، ولا ينالون من الغنائم الحربية شيئا، بل تقسم على جنود البوير بحسب ما يستحق كل منهم.
ولما انتشبت الحرب بين جمهورية الترنسفال ودولة بريطانيا العظمى سنة 1899 كان جيش البوير في بدء القتال كما يأتي:
Halaman tidak diketahui