Sejarah Terjemahan dan Gerakan Budaya di Zaman Muhammad Ali
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
Genre-genre
أدرك محمد علي إذن كل هذه الأسباب، وكانت له بصيرة مستشفة، وعين نفاذة، وبدأ يفكر كما قلنا في الوسائل التي تمكنه سريعا من الاستغناء عن هؤلاء الأجانب - أو على الأقل - عن المدعين منهم، ثم إحلال المصريين محلهم، وقد اتبع لتنفيذ هذا الرأي سبلا كثيرة: (1)
رأى أولا أن علوم الغرب، وحكمته، وخططه، ونظمه، قد سطرت جلها أو كلها في كتبه التي وضعها علماؤه، ومؤلفوه، فكانت خطته الأولى أن يمهد السبل لترجمة كثير من هذه الكتب إلى العربية أو التركية؛ ليسهل على أبناء البلاد الاطلاع عليها، والإفادة منها، وقد عهد فعلا لكثير من الأجانب في مصر - شرقيين وغربيين - بترجمة بعض الكتب، غير أنهم كانوا يتلكئون، أو يهملون في عملهم حتى «ليتم أحدهم عمل ستة أشهر في خمس سنوات»،
11
ومع هذا فقد ترجمت كتب كثيرة في مختلف الفنون، ولكن هل يستطيع هذا النفر من المترجمين أن يحولوا ماء البحر بكوب؟! كلا ولو جاء لهم محمد علي بأضعاف أضعافهم عونا ومددا؛ ولهذا أدرك ما يشين هذه الطريقة من بطء، وما قد يشوبها من أخطاء ترجع إلى اختيار الكتب أو المترجمين، أو كفاية هؤلاء المترجمين، ومبلغ معرفتهم بالعلوم التي يترجمون فيها، أو باللغات التي ينقلون عنها وإليها. (2)
راح محمد علي بعد ذلك يتلمس طريقة أخرى فرأى أن ينقل نفرا من أهل البلد إلى أوروبا - موطن هذه العلوم والنظم - ليدرسوا هذا الذي يريد نقله هناك، وبلغة القوم، حتى إذا عادوا لمصر كانوا عدتها في المستقبل، وحلوا محل الأجانب في الوظائف المختلفة، وفي تعليم ما درسوا لأبناء أمتهم، وفي ترجمة الكتب الغربية؛ ولهذا أرسل محمد علي البعوث إلى أوروبا الواحدة بعد الأخرى، وعاد الكثيرون من أعضائها وقد أفادوا الفائدة الكبرى، وحققوا أغراض محمد علي، وحملوا العبء عن الأجانب، وأدوا واجبهم بإخلاص وأمانة، وكان محمد علي مع هذا لا يوليهم - بعد عودتهم - الأعمال المختلفة إلا إذا استوثق من مهارتهم، وكان مقياسه في ذلك أن يقوم كل منهم بترجمة كتاب في الفن الذي اختص فيه، أما الذين درسوا الصناعة منهم، فكان يجربهم فيما درسوه، «حتى إذا أظهروا مهارة وكفاية استغنى عن خدمات الأجانب، وأحل محلهم أهل البلاد في وظائفهم»؛
12
لأنه كان يرى في صرف الأجانب عن المنشآت الجديدة، وإحلال المصريين محلهم «صيانة لأموال الحكومة وفخرا لها»،
12
وكان يفرح الفرح كله كلما سمع عن نبوغ بعض الضباط المصريين، ويعد ذلك «فألا حسنا للمستقبل؛ إذ يعفي الحكومة من استخدام الأجانب».
12 (3)
Halaman tidak diketahui